الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٣ مساءً

3 أسباب أخَّرت الحرب البرية

حبيب العزي
الخميس ، ٠٩ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
كثر الجدل مؤخراً حول ماهية الأسباب التي أعاقت البدء بالحرب البرية لعاصفة الحزم، التي يترقبها الكثيرون من أجل حسم المعركة على الأرض، لصالح القوى الموالية للشرعية وللرئيس هادي، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الضحايا في صفوف المدنيين جراء استهدافهم من قبل ميليشيا الحوثي وصالح، وبخاصة في مدينة عدن التي يستميت الحوثيون وحلفائهم لإخضاعها والسيطرة عليها بأي ثمن، لما لها من دلالة سياسية كبيرة بعد أن أصبحت العاصمة المؤقتة للبلاد، والسيطرة عليها تعني بالنسبة للحوثيين وصالح قطع الطريق تماماً عن أي احتمال لعودة هادي لممارسة أعماله من داخلها، أو هكذا يعتقدون.

ولأجل ذلك فقد بات التدخل البري وبخاصة في عدن أمراً ملحاً وعاجلاً على ما يبدوا لسببين رئيسيين، أولهما: لإنقاذ المدنيين من براثن تلك المليشيات التي تتعمد استهدافهم، ظناً منها بأن ذلك الأسلوب سيجبر قوى التحالف على وقف الحرب ومن ثم التفاوض معها، والسبب الثاني: وهو أن عدن يجب ألا تسقط بيد المليشيات مهما كان الثمن، لأنها الرمزية الوحيدة المتبقية للشرعية بعد سقوط العاصمة صنعاء، وإذا سقطت فستكون كلفة تحريرها باهظة في صفوف المدنيين الأبرياء، وحتى تكون هي المرتكز الآمن للانطلاق في تحرير بقية المحافظات في المرحلة المقبلة، كما يجب أن يعود إليها الرئيس هادي بأسرع وقت ممكن لكي يمارس مهامه كرئيس للدولة من داخلها.

بظني أن ثمة معطيات كثيرة قد تكون تسببت في تأخير البدء بالحرب البرية لكن أهما ثلاثة أسباب هي:
1 – غياب الحليف القوي على الأرض، الذي يملك زمام المبادرة لتشكيل النواة الأولى، لما يمكن أن نسميه بغرفة قيادة وتحكم وسيطرة، تكون مهمتها التنسيق مع الحلفاء في قيادة عاصفة الحزم من ناحية، والتواصل مع القيادات العسكرية الموالية للشرعية، ومشايخ القبائل وقادة الأحزاب والمكونات السياسية الداعمة للشرعية من ناحية أخرى، وهذا ما جعل الكثيرون يتفاءلون بعد إعلان حزب الإصلاح دعمه لعاصفة الحزم، باعتباره يمثل كتلة كبيرة داخل المجتمع، على درجة عالية من التنظيم، كما الخبرة الطويلة في العمل السياسي والحزبي، ويمكن الاعتماد عليها.

2 - الترتيبات الفنية على الأرض والتي تحتاج إلى وقت طويل في التنسيق والإعداد، لبلورة قيادة عسكرية يمنية موحدة، تكون مهمتها إيجاد خطة حربية واضحة الأهداف محددة المعالم، لقيادة العمليات على الأرض، كما تحديد الجهات والأطراف الحزبية والقبلية التي ستشارك بالعمليات القتالية، وعدد المقاتلين وحجم العتاد، الى آخر ما هنالك من هذه المعطيات الفنية التي يفهم فيها المتخصصين في هذا الشأن.

3 – التفاوض حول المحددات الرئيسية لاستحقاقات ما بعد الحرب، وقد يكون ذلك بتقديري- واحداً من أهم الأسباب التي أعاقت البدء بالعملية البرية، فكيان مثل حزب الإصلاح مثلاً، والذي يبدوا أن قيادة التحالف قد راهنت عليه كثيراً في ترجيح كفة الحسم لصالح الشرعية في الحرب البرية المقبلة، ليس بتلك السذاجة السياسية التي ستجعله يقدم نفسه للرئيس هادي وقُوى التحالف على أنه بطل المرحلة، والمطية التي يمكن الركوب عليها للوصول إلى الهدف، دون معرفة الثمن السياسي الذي سيجنيه في استحقاقات ما بعد الحرب، حتى وإن كانت جميع الأطراف قد تلاقت معه في الهدف هذه المرة، وهو القضاء على جماعة الحوثي وصالح.

علينا أن لا ننسى أن هؤلاء الذين يطلبون من حزب الإصلاح اليوم أن يكون في مقدمة الصفوف في الحرب البرية، وبخاصة الرئيس هادي والمملكة "في عهدها السابق" هم ذواتهم من باع هذا الأخير وغدر به أثناء اجتياح الحوثيين للعاصمة، حين أرادوا له المواجهة مع الحوثي، وليقول الرئيس هادي يومها للعالم بأن ما يجري في صنعاء هو أعمال عنف يقودها حزب الإصلاح "الإخواني" في مواجهة الحوثي، وهو ما فطن له حزب الإصلاح آنذاك وتصرف بدهاء وأنسحب من المشهد، ليترك هادي بعد ذلك يواجه مصيره وقد كان، ولا أعتقد أن حزب الإصلاح قد نسي هذا الموقف وبخاصة للرئيس هادي، وقد حانت اللحظة المناسبة ليتفاوض مع الجميع، وبالمقدمة منهم الرئيس هادي، حول استحقاقات المرحلتين معاً، السابقة حينما غُدر به أثناء سقوط صنعاء بيد الحوثيين، واللاحقة وهي استحقاقات ما بعد الحرب البرية.