الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٣ مساءً

عاصفة الحزم وحرب الإشاعات

حبيب العزي
الثلاثاء ، ١٤ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٥٤ صباحاً
منذ الوهلة الأولى لعاصفة الحزم، اشتدت وتيرة الإعلام المضاد لمليشيا الحوثي وعلي عبدالله صالح، وكثَّفت من استعمالها حرب الإشاعات التي انتشرت، ولا تزال، في كل مكان، كمواقع التواصل الاجتماعي، ورسائل الواتس أب، وحافلات النقل الجماعي "الباصات"، وجلسات المقيل، وغيرها من أماكن التجمعات التي يلتقي فيها اليمنيون، والتي تهدف، في مجملها، إلى صنع رأي عام شعبي معارض لعاصفة الحزم، واعتبارها عدواناً على اليمن، وانتهاكاً لسيادته، وهي تلقى رواجاً كبيراً، وخصوصاً في أوساط البسطاء من الناس، بحكم محدودية ثقافتها، وعدم مقدرتها على تحليل الأحداث كما يجب، فهي، غالباً، ما تكون منهمكة كلياً في أمور حياتها المعيشية، ولا تأبه كثيراً للأحداث السياسية، إلا حينما تلامس أمور حياتها المعيشية. ولذلك، تجدها مُهيأة لتقبل أي رسالة إعلامية، تصل إليها من أي مصدر كان، وخصوصاً إذا كانت تخاطب عواطفها ومشاعرها وتلامس همومها.

ولعل الرسائل والمنشورات المتبادلة بين الأصدقاء على "واتس أب"، من أكثر الوسائل الناجعة في بث الإشاعات الكاذبة، نظراً لوصولها إلى شرائح واسعة ومتعددة في المجتمع، بوقت قصير وقياسي، بسبب تبادلها بين الأصدقاء بشكل عنقودي واسع، وغير معلوم المدى، ولكي تعرف أن هذه الرسالة أو المنشور الذي وصل إليك، عبر الواتس أو فيسبوك أو الإيميل أو مشافهة أو عبر أي وسيط آخر، مجرد إشاعة، فإليك بعض هذه العلامات:
الأولى: أنها غالباً ما تكون بلا هوية ومصدرها مجهول، بمعنى أنها لا تحتوي على ما يشير إلى قائلها أو ناشرها أو كاتبها أو المصدر المنقولة عنه. فإن كانت مقالاً، فيُفترض أن تُذيَّل الرسالة باسم كاتب المقال، واسم الوسيلة التي نشرته، وإن كانت خبراً أو تحليلاً أو تقريراً أو ما شابه، فيُفترض أن تُذيَّل باسم الوسيلة الإعلامية التي نشرته.

الثانية: أنها تستخدم أسلوب التخويف وإثارة الرعب والهلع في أوساط المجتمع، بمعنى أنها تبث أخباراً وتحليلات، تبعث على الخوف والقلق، من الحاضر والمستقبل معاً، وتشعرك بأن مدى الحرب سيطول، وأن المواد التموينية والغذائية ستختفي من الأسواق، وأن الأسعار سترتفع بشكل مهول جداً، وأن عصابات السلب والنهب ستنتشر في المدن... إلخ، من هذه الأشياء المخيفة، فتجعلك دائم التفكير في حالك ومالك وولدك، وما الذي يمكن أن يحل بك في قادم الأيام أو في المستقبل، وخصوصاً إذا طال أمد الحرب.

الثالثة: التهويل والتضخيم، أي أنها تصنع لك من الحدث البسيط قصصاً كبيرة وضخمة، فإن كان القتيل واحداً، قالت لك خمسة، وإن كانا اثنين قالت عشرة، كما تبالغ كثيراً في تضخيم الأرقام والإحصائيات التي تسردها، إضافة إلى عدم استنادها لأي مصادر معلومة ومحددة، وإنما تكثر من استخدام عبارة "بحسب مصادر"، بشكل مبهم، من دون إشارة إلى المصادر؟!

الرابعة: غالباً ما يكون أسلوبها عاطفياً، وفيه دغدغة للمشاعر، واستثارة لروحك الوطنية أو عاطفتك الدينية، ما يجعلك تنساق خلفها تلقائياً، وبالتالي، تقبل فحواها، كما تستخدم عبارات تحثك، وتدفعك إلى الإسهام في نشرها، مثل عبارة "انشرها ولا تدعها تقف عندك"، وكأنك ستنال الأجر والخير في حال فعلت ذلك، وبالطبع، لا نعني كل الرسائل بالمطلق، خصوصاً في هذه النقطة، وإنما الرسائل التي تحمل، في الغالب، طابعاً له دلالات سياسية.
بأي حال، ليس بالضرورة أن يكون إعلام جماعة الحوثي أو الإعلام الموالي لصالح، من ينشران تلك الشائعات فقط، وإنما كل من شعر بأن مصالحه الشخصية تضررت جراء هذا التدخل العربي في اليمن، أعتقد أنه يساهم في ترويجها، وعلينا أن نتحلى بروح اليقظة، فآخر من يمكنهم إعطاءنا دروساً في الوطنية وحب الوطن هم الذين نهبوا كل خيراته ومقدراته، طوال العقود الماضية، واليوم يتصنعون البكاء والنحيب عليه، ببث مثل تلك الإشاعات الكاذبة.