الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٥ صباحاً

حين صَدَقَ بنعمر أتهموه بالكذب!

نبيل سبيع
الثلاثاء ، ٢٨ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠١:٠٨ مساءً
ربما لم يكن جمال بنعمر صادقا في أي لحظة من لحظات مهمته الممتدة لسنوات في اليمن كما بدا اليوم، وهو يقدم تقريره الختامي لمجلس الأمن ويدلي بتصريحاته الأخيرة للصحافة.

وقد تكون إحاطته وتصريحاته الأخيرة حملت بعض الأكاذيب أو الأمور غير الصحيحة من قبيل قوله إنه كان على وشك إنجاز اتفاق سياسي بين كافة الأطراف اليمنية والحوثيين وإن هذا الاتفاق وصل الى الخطوة الأخيرة. ليس صحيحا هذا كما أنه غير منطقي. فالحوثي كان قد انقلب على الجميع وكان يمضي قدما في اكمال انقلابه، والخطوة الأخيرة التي كان الحوثي يهم بها هي دخول عدن. لكن بقية الأمور التي قالها بنعمر وأوجزها في المؤتمر الصحفي كانت صحيحة في الغالب.

قال بنعمر إن التدخل الخارجي (العسكري) ليس حلاً، وهذا صحيح. والدليل ما نشاهده اليوم بعد انتهاء عاصفة الحزم التي فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسية كلها، ونجحت فقط في تحويل اليمن الى ميدان جاهز لحروب أهلية طويلة الأمد بين ميليشيات متعددة.

قال بنعمر إن القاعدة استفادت من حالة الفوضى وعدم الإستقرار، وإن استفادتها ستتعاظم إذا لم يتم التوصل لحل سياسي، وهذا صحيح. فالقاعدة تنشط الآن في مناطق عدة بالجنوب والشرق وتمارس نشاطها بشكل علني بمسماها المعروف أو بغيره (مقاومة، مثلا). وأحد الشواهد: سقوط المكلا بيد القاعدة.

قال بنعمر إن هناك نتائج وآثاراً كارثية كثيرة للحرب المتوسعة والشاملة في اليمن، وهذا صحيح. تحدث عن مئات القتلى سقطوا، وعشرات الآلاف من النازحين، وأزمة معيشية متفاقمة في البلد، فهناك أزمة غذائية كبيرة والأمن الغذائي يتدهور ويهدد 12 مليون نسمة من سكان اليمن، وهذا صحيح. بل إن نتائج عاصفة الحزم والحروب الداخلية قد تكون أكثر بكثير مما تحدث عنه وكارثية أكثر مما وصفها.

قال بنعمر أيضاً إن جميع الأطراف تتحمل مسؤولية ماحدث، وإنْ بدرجات متفاوتة. وهذا صحيح. فجميع الأطراف اليمنية تتحمل مسؤولية فشل التسوية السياسية الخليجية وكذلك الأطراف الإقليمية وفي مقدمتها السعودية. ورغم أنه ليس طرفاً بل ميِّسِراً فقط، إلا أن بنعمر نفسه يتحمل أيضاً مسؤوليةً في هذا الفشل.

فقد ترك الأمور تمضي قدماً في الفشل حتى وصلت لما وصلت اليه، وقد ظل خلال ذلك كله يقدم للمجتمع الدولي صورة متفائلة لكنها مغلوطة عن مسار الأمور في اليمن. هذا فضلاً عن أدائه السيء كوسيط بين كافة الأطراف.

لكن جمال بنعمر الذي ظل يكذب ويكذب طوال مهمته الممتدة لأكثر من ثلاث سنوات لم يوصف بالكذب من قبل نشطاء وإعلام الإصلاح إلا حين صَدَق، أو بالأحرى: حين قال كلاماً غلب عليه الصدق. وهذا أمر مفهوم بالنظر لأربعة أمور:
الأول أن كذب بنعمر كان يتوافق مع كذب الإصلاح في السابق،
الثاني أن بنعمر حمّل سائر الأطراف اليمنية مسؤولية ماحدث بينما يريد الإصلاح تحميل الحوثي وصالح وحدهما كامل المسؤولية،
الثالث أنه هاجم الإصلاح بقوة في مكالمته المسربة مع حميد الأحمر،
والرابع أنه هاجم عاصفة الحزم، وهذا ما جرّ وسيجر عليه غضب الإعلام السعودي والخليجي أيضاً.

وفي النهاية، على كافة الأطراف اليمنية أن تعترف بأنه مهما بلغت مسؤولية بنعمر عما حدث، فإن مسؤوليتها هي تبقى أكبر وأهم، إذْ يظل مبعوثاً أممياً لاعلاقة له بتقرير مسارات الأمور. ويتحمل الإصلاح تحديداً مسؤولية كبيرة لأنه كان الطرف الرئيسي الذي قاد ثورة 2011 نحو المبادرة الخليجية الفاشلة، وشكل مع صالح حكومة فاشلة تشبث بها حتى وصل الحوثي صنعاء، و.. أمور أخرى كثيرة ليس هذا مجال سردها.

من صفحته على "الفيسبوك"