الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٧ صباحاً

لماذا غاب الجنرال علي محسن؟!

حبيب العزي
الثلاثاء ، ١٩ مايو ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٤٥ مساءً
كان لافتاً للانتباه في أولى جلسات مؤتمر الرياض، أو ما بات يُعرف لاحقاً بـ"مؤتمر إنقاذ اليمن"، غياب بعض الشخصيات القيادية اليمنية الهامة، ذات الثقل السياسي والعسكري الكبير، وأول تلك الشخصيات الجنرال علي محسن الأحمر، الذي يحظى بشعبية واسعة في الداخل اليمني، وبخاصة من قِبل شباب الثورة، بسبب انشقاقه عن المخلوع علي عبد الله صالح وتأييده لثورتهم في العام 2011، كما أنه شكل آنذاك بفرقته الأولى مدرع، القوة العسكرية التي وفرت الحماية لهم من بطش بقايا نظام صالح.

منذ أن بدأت عاصفة الحزم، وجميعنا كان يتوقع أن يكون للواء علي محسن الأحمر، الدور الأبرز في مواجهة التحالف الحوثي صالحي، بحكم خبرته العسكرية الطويلة، ومعرفته بكل التفاصيل المتعلقة بالشأن العسكري لليمن، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية لأنه كان قد تلقى طعنات غدر مؤلمة من جميع الأطراف، اضطرته حينها للخروج إلى الرياض والنجاة بنفسه، وبالتالي كان من الطبيعي والمنطقي، أن هذا هو الوقت المناسب الذي يمكن أن يرد به الصاع صاعين، لكل أولئك الذي تآمروا عليه وعلى الوطن أجمع، فما الذي حدث؟! وما الذي أعاقه عن لعب مثل هذا الدور الهام؟!

في مقال له نشرته جريدة الشرق القطرية، بتاريخ 8 من الشهر الجاري، قال الدكتور محمد صالح المسفر، أنه التقى في الرياض بالجنرال محسن، وسأله لماذا لا تكون في الميدان وتقود عملية تحرير المدن الجنوبية؟! فأجابه بأنه على استعداد أن يقوم بالمهمة من تلك الليلة، وعندما سأله المسفر وما الذي يمنعك من ذلك؟!، أجاب بأنه ضيف وقد وضع كل أمره وحياته تحت تصرف المضيف، فسأله المسفر ولماذا لا تتصل بالقيادة المضيفة وتشرح لها الحال؟! أجاب بالقول: هنا "يقصد في السعودية" قيادة يمنية رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء نائب الرئيس، وهو من الناس الطيبين والممتازين، ولا أسمح لنفسي أن أتجاوزهم.

نستشف من هذا الحديث "المقتضب" الذي دار بين المسفر والجنرال محسن، بأن هناك تهميش واضح ومتعمد للجنرال، أكان من قبل القيادة اليمنية المتواجدة في الرياض وعلى رأسها الرئيس هادي، أو ربما حتى من مستضيفها، وصل حد تغييبه عن المشاركة في مؤتمر الرياض، كما تغييب قيادات أخرى عسكرية كاللواء عبده حسين الترب، وكذا سياسية وقبلية كالشيخ حميد الأحمر، ولربما قيادات أخرى لا نعرفها، وكلها ذات وزن ثقيل وتحظى بجمهور واسع، كما تأثير كبير في الداخل اليمني.

بوضوح شديد، هادي لازال يلعب ذات اللعبة، التي كان يلعبها في صنعاء، حتى وهو يمارس مهامه كرئيس من العالم الافتراضي، لا زال يعمل على تصفية حسابات قديمة مع خصومه، حتى في هذا الظرف العصيب، ودماء شعبه تسيل على الشوارع والطرقات في كل المدن اليمنية، فالرجل يخشى على سلطته، ولا يريد أن يفقدها مطلقاً، مثله مثل صالح، مثل أي رئيس عربي يصل إلى مقعد الرئاسة، ولا يريد مفارقته إلا بعد أن تفارق روحه جسده، هذه هي الحقيقة.

منذ أن وصل إلى الرياض وهو غير آبه تماماً لما يحدث لشعبه في اليمن، من قبل المليشيا التي كان حليفها يوماً ما، بدليل أنه لم يظهر ولو لمرة واحدة، ليخاطب شعبه ويؤازره في هذه المحنة الكبيرة التي جلبها هو، لم يعين قائداً عسكرياً واحداً، لم يعمل على تشكيل قيادة عسكرية تقود الحرب والمواجهة، لم يفعل أي شيء يوحي بأنه مهتم بما يجري داخل البلد، من قتل وذبح وتشريد ونزوح جماعي، كما لم يقم بأي إجراء يوحي بأنه رئيس أساساً.

هادي كان منشغلاً طوال الفترة الماضية التي قضاها في الرياض، فقط في التفكير بالسلطة والحكم وكرسي الرئاسة، لم يقم بإجراء واحد يدعم المقاومة، التي تبذل الغالي والنفيس تحت لواء الشرعية المنسوبة إليه وهولا يستحقها، خوفاً من أن تسحب البساط من تحت قدميه بعد الانتصار، هادي يعيش في كوكب آخر غير الذي نعيش فيه، لا يتصرف كمسئول على ملايين من البشر، أعطته أصواتها ومنحته ثقتها في يوم من الأيام، وباختصار.. هادي كارثة حقيقية حلت بنا كيمنيين، قبل أن تحل علينا العاصفة.