الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٦ صباحاً

السعودية أحبطت اليمنيين

حبيب العزي
الاربعاء ، ٢٧ مايو ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤١ مساءً
قبل يومين دخَل تحالف عاصفة الحزم شهره الثالث، دون تحقيق أي تقدم ملموس على واقع الأرض، رغم قيامه بأكثر من 3 آلاف طلعة جوية، استهدفت مواقع الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في العديد من المدن اليمنية، وقد أخفق طوال الشهرين الماضيين، في تحقيق أيٍ من الأهداف الرئيسية التي قام لأجلها، وهي حماية اليمنيين وإعادة الشرعية.
لا ننكر أننا كنا من المُرحِّبين بعاصفة الحزم، في الأيام الأولى لانطلاقتها، إذ أننا كنا كالغريق الذي يبحث ولوعن قشة للنجاة، بعد تغول المليشيات الحوثية وسيطرتها على معظم المدن اليمنية، لكن الإحباط ما لبث أن تسلل إلينا، بعد انقضاء الثلاثة الأسابيع الأولى للعاصفة، دون تحقيق نتائج تُذكر، حتى تحول بمرور الوقت إلى شعور بالغُصَّة والمرارة، والإحساس وكأن المملكة قد خذلتنا، أو لربما أنها لم تكن صادقة وشفافة معنا بما يكفي، طوال الفترة الماضية، التي تجاوزت الشهرين من زمن هذه الحرب، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: كان ظننا بأن القصف الجوي، لن يستمر في أسوء الأحوال لأكثر من أسبوعين، إذ أنه –كما قيل لنا- سيقتصر فقط على أهداف عسكرية محددة سلفاً، بناءً على معلومات دقيقة، وبالتالي ففترة الأسبوعين كانت تكفي وزيادة، لإنجاز تلك المهمة، بحسب خُبراء في الشأن العسكري، ولكن خاب ظننا عندما طالت تلك المدة الزمنية، لفترة تجاوزت بكثير حدود توقعاتنا، ولأسباب لا نفهمها، ولا نجد لها تبريراً مقنعاً في واقع الحال.

ثانياً: عدم تقديم الدعم الحقيقي للمقاومة على الأرض، وتزويدها بالسلاح النوعي والعتاد اللازم، الذي تستطيع من خلاله قلب المعادلة على الأرض، بشكل يساعد المملكة ذاتها سياسياً، ويضعها في موقع المنتصر، بحيث تستطيع إملاء شروطها، وإجهاض كل المحاولات التي تتبنى الرؤية الإيرانية بشكل أو بآخر، وبمقدمتها الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية، والتي تحاول جاهدة أن لا يكون هناك حل للأزمة اليمنية، إلا من خلال حل سياسي، وهذا بالضبط ما تريده إيران وحلفائها في اليمن.

أما ما تناقلته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قبل مُدة، حول عمليات إنزال لأسلحة وبخاصة في تعز، فقد كان مجرد زوبعة إعلامية أضرت بالمقاومة أكثر مما خدمتها، فالسلاح لا يُرمى به على أسطح المنازل، وفي الحارات بشكل عشوائي، كما حدث في بعض المناطق، التي تم فيها إنزال لبعض قطع السلاح الخفيف في مدينة تعز، فتهشَّم جُله ساعة ارتطامه بالأرض، وتهافت الناس عليه حتى كادوا يتقاتلون، وبات حديثاً يثير الاستغراب في المجالس الخاصة، كما وتُوضع حوله الكثير من علامات الاستفهام.

ثالثاً: عدم قيام المملكة بأي جُهود جادة وملموسة، من شأنها حث القيادة اليمنية المتواجدة لديها في الرياض، على إنشاء وتكوين نواة لجيش وطني بقيادة عليا، تعمل على إيجاد مناطق آمنة على الأرض، تكون بمثابة قواعد انطلاق لها، والبدء بقيادة المواجهات البرية على الأرض، بالتزامن مع الضربات الجوية، وبالتنسيق مع المقاومة الشعبية وقياداتها، التي يُفترض أن تنضوي تحت قيادة الجيش الوطني، وبذات السياق فإننا لا ندري حقيقة، لماذا لم تتواصل مع تلك القيادات العسكرية، التي تم تهميشها عمداً من قبل الرئيس هادي، كالجنرال علي محسن وغيره من القيادات العسكرية، التي كانت يمكن أن تلعب دوراً مهماً في قيادة هذه المواجهات على الأرض.
رابعاً: رصدت المملكة رقماً ضخماً للمساعدات الإنسانية، يزيد على الـ 500 مليون دولار، وهذا جانب تُشكر عليه، ولكنها أوكلت المهمة للأمم المتحدة، ولا ندري ماهي آلياتها لإيصال تلك المساعدات لمستحقيها الفعليين، لكن الشيء الذي ندركه جيداً –ونحن نعيش وسط المعاناة، ونتحدث من اليمن، وليس من الغرف المكيفة في الفنادق داخل الرياض- أننا لم نلمس على أرض الواقع أثراً لمثل تلك المساعدات، إلا في الحدود الضيقة، ولمناطق محدودة، فمدينة تعز على سبيل المثال، دخلت يومها الـ 46، وهي تغرق في الظلام الدامس، بسبب الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي، ونتساءل.. أين ذهبت حصة محطات الكهرباء من المشتقات النفطية؟!، التي كانت تنتظر الهدنة لتتمكن من الدخول إلى اليمن، إننا في مدينة تعز –وبكل أسف- لم نرَ أثراً للهدنة ولا للمشتقات.
ختام القول ..

العاصفة: عصفت باليمنيين تماماً.
الأمل: أضغاث أحلام.
الإحباط .. الغُصَّة .. المرارة .. الشعور بالخُذلان: هي المفردات المتبقية، بقاموس اليمنيين في اللحظة الراهنة.