الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٥ مساءً

عام على حكم السيسي.. حصاد من الاحباط

القدس العربي
الثلاثاء ، ٠٩ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٥١ صباحاً
مرت بالامس الذكرى الاولى لتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئاسة في مصر، وسط جدال واسع بين مؤيديه ومعارضيه حول الحصاد من انجازات او نجاح او انتهاكات او فشل.

وربما يصعب ان نحيط في هذه المساحة بتحليل مفصل لصورة معقدة ومختلطة اسفرت عنها هذه السنة التي وصفها السيسي نفسه بانها كانت «مهمة صعبة»، الا اننا نكتفي بملامح نحسبها حاسمة ولها ما بعدها، ومنها:
اولا: ثمة شعور شعبي واسع بالاحباط لا يمكن ان ينكره من يعرف مصر حقا، سواء كان من مؤيدي السيسي او معارضيه. ويكمن السبب في الفشل المريع للنظام في بذل اي جهد حقيقي لتحقيق العدالة الاجتماعية التي كانت احد الاهداف الرئيسية للثورة. بل على العكس فقد اتجه السيسي لتمويل خفض العجز في الميزانية من جيوب الفقراء عبر رفع اسعار الكهرباء والوقود والكثير من السلع الرئيسية، دونما اي زيادة في الاجور. بل لجأ النظام الى سن تشريعات جرمت اللجوء الى الاضرابات او الاعتصامات للمطالبة بزيادة الاجور، في انتهاك للمواثيق الدولية ذات الصلة. وهكذا اصبح الفصل من العمل جزاء كل من دعا او شارك في اضراب، ناهيك عن احتمال اتهامه بـ « تهديد الامن القومي» او «الانتماء الى منظمة ارهابية» في اشارة الى الاخوان. واذا جلست مع بعض المصريين الذين خرجوا في مظاهرات الثلاثين من حزيران/يونيو، لن يكون غريبا ان تسمع بعضهم يقول بلا تردد «اتغشينا فيه»، مشيرين الى عودة قمع الشرطة المستند الى تهمة جاهزة اسمها «الإخوان»، ناهيك عن استمرار تفشي الفساد وعودة الوجوه القبيحة للنظام القديم الى الصدارة سواء في السياسة او الاعلام.

ثانيا: ثمة اصرار واضح من جانب السيسي على التفرد بالحكم، بدا واضحا في التسويف المتعمد في اجراء الانتخابات التشريعية، ويكمن السبب في ان دستور 2014 منح البرلمان ورئيس الحكومة سلطات غير مسبوقة، وهو ما يفسر التصريحات المتكررة التي اشار فيها السيسي نفسه الى «خطورة البرلمان المقبل الذي يستطيع ان يعزل رئيس الجمهورية ان اراد» كما قال. ومن اجل هذا جاءت المسرحية التي تمثلت في الفشل في صياغة قانون دستوري لتقسيم الدوائر الانتخابية، ثم عدم الالتزام بالمهلة التي حددها الرئيس امام الشعب لتعديل القانون بعد الحكم بعدم دستوريته. يحدث هذا في بلد يضم جهابذة معروفين في القانون الدستوري طالما ساعدوا في صياغة دساتير بلاد عربية واسلامية عديدة. اما السبب الحقيقي فهو ان السيسي لا يملك اي خبرة سياسية، ولا يملك اي مستشار سياسي ايضا، وهو ما يجعله قلقا من وجود حياة سياسية اصلا، ناهيك عن وجود برلمان قد تتمثل فيه احزاب وتيارات معارضة، ومنها جماعة الاخوان او حلفاؤها، وهذه لن تتورع عن مطالبته بكشف حساب كامل عن فترة حكمه.

ثالثا: لا يمكن تقييم العام الاول من حكم السيسي دون التوقف مليا عند علاقته بوسائل الاعلام. ولقد كان الرجل صريحا منذ اليوم الاول عندما قال «ان الرئيس الراحل عبد الناصر كان محظوظا لأن كل وسائل الاعلام كانت معه»، وهكذا وجه تعميما غير مباشر الى كافة الاعلاميين بما يتوقعه منهم. وتأكد هذا المعنى في استقباله الاعلاميين مرات عديدة ، مشددا على اهمية الاعلام في «تشكيل الرأي العام»، وهو ما جعل بعض الاعلاميين يعتبرون انفسهم «زعماء شعبيين او شركاء في الحكم يستحقون المكافأة من النظام». انها رؤية مبسطة ادت الى اسلوب يمكن تسميته بـ «الحكم بالاعلام ومن اجل الاعلام». والاهم انها رؤية خاطئة ايضا، حيث ان الاعلام لم يكن معاديا لمبارك عندما اندلعت الثورة في 2011، كما ان بعض اولئك الاعلاميين اصبحوا احد الاسباب في تراجع شعبية السيسي، بسبب ما يرتكبونه من استفزاز لمشاعر المصريين ما ادى الى تراجع نسب المشاهدة مؤخرا لقنواتهم وباعترافهم حتى اصبح شبح الاغلاق يخيم على بعضها. ولايتعارض كل ماسبق مع حقيقة وجود شعبية كبيرة للنظام باعتبار انه «مفيش غيره» حسبما يقول كثيرون، او ان الامر لم يعد يتعلق بـ «نظام ومعارضة» لكن «دولة او لا دولة» في ظل الاعمال الارهابية.

وهو ما يتطلب ان تعيد المعارضة النظر في خطابها وسياستها، للتأثير في هذه القاعدة الشعبية التي هي القوة الوحيدة القادرة على التغيير في مصر بدلا من كيل الشتائم للسيسي او دعم العنف الذي يصب في مصلحة النظام بدلا من ان يضعفه.