الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٩ مساءً

من عاصفة الحزم إلى مفاوضات جنيف

عبدالله رزق
الثلاثاء ، ٠٩ يونيو ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٢ صباحاً
مضى ما يزيد على الشهر، منذ وقف العمليّات الرئيسية لعاصفة الحزم التي انطلقت في 26 مارس، بقيادة تحالفٍ ضمَّ عشر دول، على رأسه المملكةُ العربية السعودية، وأطلقت بالمقابل ، في 21 أبريل، عمليّة إعادة الأمل، دون أن تتخلّى عن الحزم.

إذ حافظت – خلالها - قيادةُ التحالف، على نحوٍ ملحوظ ،وكهدف رئيس- على الإمساك بزمام المبادرة والمبادأة ، وحرية القرار، فيما يتعلّق بمواجهة أيّ تحرُّكات محتمَلة للحوثيين، وحلفائهم أنصار الرئيس السابق، علي عبدالله صالح . التطوّر الجديد في مُجريات مواجهة الأوضاع اليمنيّة وتطوّراتها، بعد الانقلاب الحوثي، والذي حمل اسم "إعادة الأمل"، يستند – وَفق قيادة التحالف – على تحقُّق الأهداف المحدَّدة لعاصفة الحزم، وفي مقدِّمتها إنهاءُ الخطر، والتهديد الحوثيّ لأمن السعودية، بشكل مباشر، ووقْفُ التوسُّع الجاري للإمبراطورية الإيرانية التي يضطلع بها أنصارُها في المنطقة، بشكل غير مباشرتاركةً ضمناً، هدفَ استعادة السلطة الشرعية، للرئيس عبد ربه منصور هادي، لآليّات الصراع الداخلي في اليمن، عبر تعزيز موقف القوى الموالية للشرعية، من القوّات المسلَّحة، والمليشيات، والقبائل ، وغيرها من التشكيلات العسكرية التي انخرطت في مقاومة الحوثيين والتصدي لهم.

وقد عبَّرت عملية إعادة الأمل ، بدورها، عن استجابة لعديدٍ من المعطيات التي أفرزت الحرب، بالتفاعل الإيجابي معها، جنباً إلى جنب، الحفاظ على زخم المعركة، وتماسُك، ووحدة موقف قوى التحالف، والحفاظ على التأييد والدعم الدولي الذي حظيت به، حتى الآن، وبذلك انتقلت بالصراع إلى مرحلة جديدة ، تأخذ بعين الاعتبار:

حتميّةَ الاستمرار في تحقيق ما تبقَّى من أهداف المرحلة الأولى، المتمثِّلة في القضاء على القوّة العسكرية الرئيسية للحوثيين، وأنصار علي عبدالله صالح، وحمْلهم على التراجُع، والقبول بوقْف إطلاق النار، وإنهاء الأوضاع الاستثنائيّة التي أوجدها انقلابُهم على السلطة الشرعية، ومن ثَمَّ تطبيع الأوضاع في اليمن، وَفق الاتفاقات والقرارات الإقليمية والدولية ذات الصلة بأزمة اليمن، وفي مقدِّمتها المبادرةُ الخليجية، ومُخرجَات الحوار الوطني الشامل، والقرار الأُممي 2216.

ومع ذلك فقد استمرّ القصف، بعد إعلان وقف العاصفة مباشرة ؛ للحدِّ من تحرُّكات الحوثيين وحلفائهم الذين سَعَوْا إلى تحقيق مكاسب عسكرية جديدة ، ولجمها، وهو ما حتَّم استمرار العاصفة تحت اسم جديد، وبمضامين، ومستهدفات، ومسارات متعدِّدة ومختلفة ، تستجيب للضرورات الواقعيّة والعملية التي أفرزتها مُجرياتُ الحرب، بما في ذلك إعطاءُ فرصة للحلِّ السياسي، من خلال إفساح المجال أمام الجهود السياسية للتسوية، عبر الحوار والتفاوض بين الأطراف اليمنية ذات الصلة، بديلاً للرِّهان الكامل على الحلِّ العسكري ، وإفساح مجالٍ للعمل الإنساني؛ لتقديم العون للمدنيّين المتضرِّرين من القتال.

ومحاصرة الحوثيين وحلفائهم ، وفي ذات الوقت تمكين القوى الشعبية الداعمة للشرعية من القيام بدورها، والمراهنة على هذا الدور، وذلك لاستبعاد احتمال خوض التحالف حرب برِّية ضدَّ الحوثيين وحلفائهم.

إحباط المشروع الإيراني التوسُّعي في اليمن، بما يعنيه ذلك، وما ينطوي عليه من احتمال وإمكان إحباط تجلِّيات هذا المشروع في أماكن أخرى، من المنطقة.

إجمالي هذه التطوَّرات ساهم في فتح الباب أمام مفاوضات مقترَحة، بعد موافقة الأطراف المعنيَّة ، مقرَّرٌ لها الرابع عشر من الشهر الجاري في جنيف، برعاية الأمم المتحدة ؛ بهدف التوصُّل لاتِّفاق بشأن وقف إطلاق النار، وانسحاب الحوثيين وحلفائهم من المواقع التي استولوا عليها، عقب انقلابهم على السلطة الشرعية، إلى جانب إيصال العون الإنساني للمتضرِّرين من المدنيين.

غير أن هذه التطوّرات، ترافقت مع مخطَّطات عملية لنقل الحرب الطائفية إلى داخل المملكة، إلى جانب الاستهداف المباشر لمواقع حدوديّة سعودية، الأمر الذي قد يقدح في مصداقيّة توجُّه الحوثيين ،وحلفائهم في الداخل والخارج، نحو التسوية السياسية لأزمة اليمن.

"المدائن السعودية"