الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٥ صباحاً

"مش مهم الحجر، المهم البشر"!

نبيل سبيع
السبت ، ١٣ يونيو ٢٠١٥ الساعة ١١:٣٠ صباحاً
"مش مهم الحجر، المهم البشر"!

أغبى تبرير لأسوأ تدمير: تدمير الآثار والتاريخ اليمني بحرب نجحت حتى الآن في تدمير الكثير من آثار وتاريخ هذا البلد لكن المؤكد أنها لن تنجح أبدا في بناء مستقبله، لن تنجح حتى في "توقيص" حجر من أحجار مستقبل هذا البلد. لكنْ، مش مهم التاريخ، ومش مهم المستقبل! المهم: الأهداف العسكرية الصغيرة والآنية المباشرة التي يتم استهداف المواقع الأثرية من أجلها، هل تحققها هذه الحرب على الأقل؟

قلعة القاهرة، مثلاً، التي تعد أحد أهم المعالم الأثرية في تعز، قصفها الطيران السعودي ثلاث مرات. وبعد كل مرة، كان مؤيدو العاصفة يواجهون أي استهجان لقصف القلعة قائلين: "مش مهم الحجر، المهم البشر"! أوكي، مش مهم الحجر. لكنْ، يبقى السؤال: لماذا قصف الطيران السعودي قلعة القاهرة، وما حجم الضرر الذي ألحقه القصف بالقلعة، وهل حقق القصف هدفه العسكري الميداني في نهاية المطاف؟

قُصفت قلعة القاهرة بهدف القضاء على مضاد طيران نصبه هناك الحوثيون المستهترون بالمعالم الأثرية مثلهم مثل الطيران السعودي، وهو المضاد الذي لم تكن قذائفه تطال الطائرات بل بعض مواقع المقاومة في المدينة وجبل صبر. قُصفِتْ القلعة أيضاً بهدف إنهاء وجود الحوثيين والجيش الموالي لهم في الموقع العسكري الموجود في محيط القلعة. وقد دمر القصف الجزء القديم من القلعة المسمى "دار الأدب" والموجود من أيام الصليحيين، والذي كانت هيئة الآثار تعتزم تحويله الى متحف يضم مقتنيات وآثار من عهد الصليحيين. باختصار: دمر القصف الجزء الأثري القديم والمهم من القلعة، و"الترميم الحديث والمشوّه هو الذي بقي"، بحسب تعبير مسؤول في مكتب الآثار بتعز.

طيب، وماذا عن مضاد الطيران والحوثيين، هل أخرجهم القصف من القلعة ومحيطها؟ لا طبعاً. فقد ظل المضاد مكانه ولم يتوقف إلا بعد سيطرة الحوثيين على موقع العروسة في جبل صبر، وظل الحوثيون والجيش في مواقعهم حتى الآن. والنتيجة: خسرت تعز واليمن قلعة القاهرة جراء القصف، ولم يحقق القصف هدفه العسكري البسيط والضئيل جداً المتمثل في إخراج الحوثيين من القلعة ومحيطها. لكنّ أصحاب "مش مهم الحجر، المهم البشر"، الذين يشهرون في وجوهنا هذا التبرير الغبي كلما استهجنا تدمير المواقع الأثرية بدون معنى ودون تحقيق أي هدف عسكري ضئيل حتى، لم يشعروا بأي ندم ولم يتساءلوا حتى عما إذا كان تدمير قلعة القاهرة قد أخرج المضاد والحوثيين منها على الأقل!
بس، مش مشكلة..
"مش مهم الحجر، المهم الدّشَر"!

من صفحته على "الفيسبوك"