الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٥ صباحاً

مؤامرة جنيف !

د.عبدالله السقاف
الجمعة ، ١٩ يونيو ٢٠١٥ الساعة ٠٣:٤٧ مساءً
من يقول إن السياسة هي فن الكذب والخداع والنفاق والتلون، أي أن السياسة باختصار هي أن تكون بلا أخلاق، فهو مخطئ.

فالتاريخ على مدى تواجد الإنسان فوق الأرض،
لم يخلّد العظماء بانتصاراتهم فقط، لكن بمآثرهم وأخلاقهم ومواقفهم أيضا، ومدى دفاعهم عن مبادئهم، وصمودهم أمام إغراءات الحياة. فاحترام الإنسان لمبادئه ومواقفه والدفاع عنها مهما كانت التحديات، ومهما كانت العوائق، هي من قمة الأخلاق. ولو أسقطنا ما سبق ذكره على طبقتنا السياسية في السنوات الأخيرة، والتي يلبس أفرادها كل ألوان الطيف في ظرف قصير، نجد أننا نسير نحو الانحدار الشديد وبسرعة كبيرة.

سياسيونا يتلونون كالحرباء، ويبيعون مواقفهم وأصواتهم وأشياء أخرى لا يعلم بها إلا الله. يبيعون ولاءهم دون قناعات، حتى إن تعارض ما هم مقبلون عليه مع مبادئهم وتوجّهاتهم، إن كانت لهم مبادئ أصلا. والأمثلة كثيرة في ساحتنا السياسية، وما يحدث في جنيف عندما يتحول المشاركون في ما سمي مؤامرة جنيف من الوفود المشاركة من الرياض وصنعاءإلى تبادل الشتائم والاتهامات، واليمنيون يئنون ويموتون ،في حين ان المتحاورون لا يحملون أي تقارب في الرؤى أو حلولا سياسية ، أليس ذلك انحطاطا اخلاقيا سياسيا؟

كما انه من الأخلاق أيضا يا أحبائي أن يعرف المرء قدر نفسه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فمن الأخلاق أن يتنحى عن المسؤولية من هو غير أهل لها، ومن هو غير قادر على تبعاتها. ومن الأخلاق أن يحترم كل فرد قدراته وحاجات من يمثلهم مهما كانت نوع المسؤولية التي يؤديها، حتى وإن كان حارس حظيرة حمير ، لأن أكبر مصائبنا أن يتولى أمرنا من يدركون أنهم غير قادرين على تسيير حتى بيوتهم من الداخل، والتحكم في ميولات أولادهم.. فما بالكم بوطن كاليمن؟

ماذا ننتظر من طبقة سياسية كهذه في الظرف الحالي أو الأيام القادمة، أمام رهان البقاء والحفاظ على اليمن وسط تحديات ومخاطر كبيرة مع ما يحاك في محيطها أو داخلها؟ هل نضمن مستقبل اليمن كدولة في ظل طبقة سياسية تباع وتشترى؟ أي مستقبل لمجتمع يقوده سياسيون لا يعرفون عنه حتى عدد هيئته الانتخابية وتوزيعها، ولا يملكون من الأخلاق السياسية شيئا؟ أي مستقبل لوطن كاليمن عليه ألف عين ويتربص به الصديق قبل العدو بطبقة سياسية لا تعي مسؤوليتها إلا فيما تحققه من مكاسب مادية لا تضيف إلى رصيدها إلا مزيدا من التبعية لمن ولاّها إياها؟

أيها السادة، إن الوضع عصيب، ومن يعتقد أن اليمن نجحت في ما سمي الربيع الدموي، فهو مخطئ، إننا أمام تحديات تفرض أن نتحلى ببعض الأخلاق من أجل بقائنا، ونتقاسم لقمة العيش باحترام من أجل هذا الوطن.. أما أن نتصارع من أجل مستقبل غير مضمون، بدلا من التفكير فيما يضمن بقاءنا كأمة، فذلك قمة الانحطاط الأخلاقي..

اليمن هي مستقبلنا وإن ذهبت اليمن ذهبنا جميعا، متفقين أو مختلفين .. وكما قال الزعيم مارتن لوثر كينغ الذي دفع حياته ثمنا من أجل حلمه في أن يرى زنجيا يحكم أمريكا : ”أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على حياد في أوقات المعارك الأخلاقية الكبرى..

ومن هنا اناشد كل الأطراف اليمنية المتواجدة في جنيف العودة فورا، والعمل من الداخل، وإصلاح البيت من الداخل دون تدخل احد .

واخص بالذكر من يدعون الشرعية المزعومة في ظل القتل والدمار .
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد”.