الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٣ مساءً

دين الانسان ام دين الشيطان؟

حسين الوادعي
السبت ، ٢٠ يونيو ٢٠١٥ الساعة ١١:٥٥ مساءً
قرر ابليس التوبه فيذهب الى شيخ الازهر ليعتنق الاسلام..

لكن شيخ الازهر يعجز عن قبول توبة ابليس. فكيف يمكن بعد ذلك ان يستمر البناء اللاهوتي للاسلام اذا انتهت فكرة الشيطان؟ كيف سيخوف الدعاة الناس في خطبهم من نزغات الشيطان وفخاخ المعاصي؟ وكيف سنبدا تلاوتنا القران بـ" اعوذ بالله من الشيطان الرجيم" اذا اصبح الشيطان مؤمنا؟

لقد بنى الفقهاء صروحهم اللاهوتية على فكرة "الشيطان" والخطيئة والمعصية والذنوب والكفر...وهذه كلها ستنهار اذا ما اصبح ابليس مسلما من بين المسلمين!

يرفض شيخ الازهر توبة ابليس الذي يعود لرحلة التيه والضلال الابدية مرة اخرى.

هذا ملخص قصة فلسفية كتبها توفيق الحكيم واراد بها النفاذ الى واحدة من اعمق مشكلات الخطاب الديني الا وهي "مركزية الشيطان" في هذا الخطاب.

لقد بنت السلطة الدينية مجدها على فكرة الشيطان.خطبنا تركز على النار لا على الجنه، ودروسنا تركز على التحذير من الذنوب لا على الدعوة الى الفضائل. اما فضائلنا الدينية فليست الا حياة معطلة او غرائز مقموعة او تفكير محرما.
.......................
وليست المشكلة في "الدين" وانما في بناء الدين على فكرة المعصية والخطيئة.

ان الشيطان يتراجع كلما كان المؤمن اكثر ثقافة وعلما . ففي التدين الارقى يصبح انسان لا الشيطان محور الفكرة الدينية. وتصبح مهمة الدين ليس التحذير من الخطيئة وانكات تهيئة الطريق اما الانيان ليعيش حياة روحية خالدة.

لا يعني ها الغاء فكرة الشيطان تماما وانما انزالها من مكانتها العالية التي وضعها فيها الكهنة والفقهاء لتاسيس سلطتهم الدينية حول الحلال والحرام والنار.

عندما ننتقل من دين الشيطان الى دين الانسان، لا يعود هناك رذائل او معاصي او كبائر تلاحق الانسان اينما مضى. فالحياة تبسط جناحيها للانيان لكي يعيشها بالتزام اخلاقي فريد. تنتفي الحاجة لبرنامج "فتاوى" ولكتب الحلال والحرام لان الانسان يصبح كاهن نفسه ومعلمها الروحي.

لكن الكهنة والفقهاء يعرقلون الانتقال من دين الشيطان الى دين الانسان لان ذلك يهدد سلطتهم على الارواح وتحكمهم ف العقول
................................
لقد عبر جبران خليل جبران بذكاء عن الصدقاة الابدية بين "الشيطان" و"رجال الدين في قصته الرمزية عن الخوري سمعان.

يلتقي الخوري سمعان بالشيطان وهو جريح وينزف على احد الشواطيء. فيخاطبه الشيطان قائلا:
"أنا أقرب المخلوقات إليك بل أنا أعز عليك من حياتك ....
ألا تعلم أن زوجتك و بنيك و هم كثيرون
يفقدون رزقهم بفقدي بل يموتون جوعا بموتي ؟
ماذا تفعل لو حكم القضاء بإضمحلالي
و أية صناعة تحسنها إذا أبادت الأرياح إسمي ؟..

ألا تعلم و أنت اللاهوتي المدقق أن وجود الشيطان قد أوجد أعداءه الكهان ؟
و أن تلك العداوة القديمة هي اليد الخفية التي تنقل الفضة و الذهب
من جيوب المؤمنين إلي جيوب الوعاظ و المرشدين ؟

ألا تعلم و انت العالم الخبير أنه بزوال السبب يزول المسبب ؟

إذا كيف ترضي بموتي و بموتي تفقد منزلتك و ينقطع رزقك ؟
و يكف الخبز عن أفواه زوجتك و بنيك ؟"

يستوعب الخوري سمعان فعلا كيف ان وجوده مرهون بوجود الشيطان وبدلا من تركه ينزف وحيدا ويموت ثم يحمل الخوري سمعان الشيطان الجريح ويحمله على ظهره الى بيته ليداويه ولتستمر الصداقة والمنفعة الابدية بين الشيطان والكهان.