الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٨ مساءً

الأخطاء الكارثية لطيران التحالف

حبيب العزي
الجمعة ، ١٠ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٢:٥٠ صباحاً
وزارة الدفاع اليمنية، المؤيدة للشرعية، "التي لا نعلم مكانها بالضبط"، أصدرت مساء أمس، من مقرها في "العالم الافتراضي" بياناً صحفياً، نعتْ فيه استشهاد جنوداً وضُباط، في اللواءين 21 و 23، وكذا أفراداً من المقاومة الشعبية، الذين استشهدوا في قصف قوات التحالف العربي، لمركز القيادة المتقدم بوزارة الدفاع، ورئاسة هيئة الأركان العامة، ومقر اللواء 23 ميكا في منطقة العبر، بمحافظة حضرموت، ووعدت بالتحقيق في الحادث.

ليس بيان وزارة الدفاع هو المهم، الأهم منه أن حكومتنا الموقرة، الهاربة في الرياض منذ شهور، قد أفاقت من غفوتها فجأة، على هذه الحادثة، وتتحدث بلغة وكأنها المرة الأولى، التي تحدث فيها مثل هذه الأخطاء الكارثية، ونحن نعذرها بأي حال، فهي تعيش في كوكب آخر، غير الذي نعيش فيه نحن اليمنيون.

كل الأخطاء الكارثية السابقة لطيران التحالف، لم تكن ذات أهمية لـ "الدنبوع" وحاشيته، فقط هذه الأخيرة هي التي أوجعته، واستحقت الحديث عن فتح تحقيق في الموضوع، ربما لأن الركلة جاءت إليه من الخلف هذه المرة، ومؤخرته لا تحتمل بالمرَّة.

قبل يومين فقط من هذا البيان "الحنَّان الطنَّان"، حصدت أخطاء طيران التحالف أرواح 42 إنسان يمني، في سوق شعبي للمواشي، بقرية الفَيُوش في محافظة لحج، وقبل هذه الحادثة بثلاثة أيام، قصف الطيران سوقاً شعبياً في محافظة حجة، أودى بحياة العشرات، وفي يوم الخميس الموافق 18 يونيو/حزيران المنصرم، أُعلن عن مقتل 11 شخص من أبناء الصبَّيْحَة، شمال غرب عدن، في غارة جوية على مصنع الحديد بمنطقة الوهط، بحسب موقع "عدن الغد".
قبل ذلك وتحديداً في الـ 26 من شهر مايو الماضي، قصف طيران التحالف أحد المنازل بمنطقة "دار النصر" بصبر في محافظة تعز، وقبلها بمدة قُصف منزلاً في حي المرور، وكلها أوقعت قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال، كما قُتل وأصيب العشرات، في غارة استهدفت سوقاً شعبيا في مدينة زبيد بمحافظة الحديدة، في وقت سابق من الشهر ذاته.

وحتى المقاومة ذاتها لم تسلم من تلك الأخطاء القاتلة، ففي الجوف قُتل قرابة 15 وأًصيب العشرات من عناصر المقاومة الشعبية، مطلع يونيو الماضي، في غارة خاطئة استهدفت مواقع في منقطة "اليتمة"، كانت قد استولت عليها المقاومة بعد معارك مع الحوثيين، وفي مأرب سقط 10 أفراد من المقاومة الشعبية، ما بين قتيل وجريح، في غارة استهدفت موقع تابع لهم في "الجفينة"، أواخر شهر مايو الماضي، بحسب تقرير نشره موقع "يمن برس" بتاريخ 18 من شهر يونيو الماضي، هذا عدا عن الضحايا من المدنيين الذين سقطوا في محافظة صعدة، التي نالت نصيب الأسد من الضربات الجوية.

ما ذكرناه آنفاً مجرد عينة بسيطة، من مسلسل أخطاء كثيرة ومتعددة، وقع فيها تحالف عاصفة الحزم، منذُ بدْئه قبل ثلاثة أشهر ونصف، والذي لم ينتهِ رغم كل الصيحات المتعالية، المنددة بتلك الأخطاء الكارثية، التي حصدت -ولاتزال- أرواح الأبرياء من اليمنيين بشكل متكرر، وهو المسلسل الذي لا يبدوا أن له نهاية قريبة، رغم الحديث عن هدنة بين حين وآخر، وكأن أرواح اليمنيين أصبحت بلا ثمن، خصوصاً بعد مؤتمر الرياض، الذي منح صك البراءة لقوى التحالف سلفاً، وجعل من اليمن بأكمله كلأً مستباحاً، وبتفويض من اليمنيين أنفسهم.

لن نُخفي رؤوسنا في الرمال كالنعام، ولن "نُدَعْمِمْ" هذه المرة، وسنقولها بعالي الصوت، الموضوع خطير ويحتاج إلى فتح تحقيق حقيقي، لمعرفة الجهات والأشخاص، التي أعطت للتحالف تلك الإحداثيات الخاطئة، أو أن طيران التحالف ذاته يقع فيها من تلقاء نفسه.

مطلوب تحقيق مستقل تقوم به جهة محايدة، وليس مجرد حديث عن فتح تحقيق، على طريقة الحكومة اليمنية القابعة في الرياض، والذي لن يكون ذو جدوى بحال، فالمئات من اليمنيين الأبرياء أُزهقت أرواحهم ولا تزال بسبب تلك الأخطاء، التي تتحمل مسئوليتها بالدرجة الأولى كل تلك القوى والمكونات السياسية، التي وقعت على وثيقة الرياض، والتي منحت التحالف تفويضاً كاملاً، في استباحة الأراضي والأجواء اليمنية دون حسيب أو رقيب.