الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٤ صباحاً

الهدنة وأحلام المشردين

نُهى البدوي
الثلاثاء ، ١٤ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٩:٣٦ مساءً
لم يكُن صوت البكاء الذي امتزج بالكلمات الحزينة الصادر من أحدى صديقاتي في محافظة لحج وهي تهاتفني وتحدثني بمرارة و ألم عن خيبة آملها وسوء حظها ونصيبها الذي طال أنتظار موعد أكتماله بعد تعثر إقامة حفل عرسها مرة تلو الأخرى ، بسبب نزوح أسرة خطيبها خارج مدينة كريتر في عدن وصعوبة الاحتفال بالزواج في وضع الأحتراب في عدن ولحج، و الذي تقرر إقامته هذه المرة في فترة الهدنة الإنسانية قبل عيد الفطر المبارك، إلا واحداً من اصوات الألم والحسرة الصادر من مئات المشردين وما تحكيه رواياتهم الحزينة من مأساة وتحديات تواجههم يومياً في المناطق التي تدور فيها الحرب واغتيالها لأحلامهم لتمتزج دموعهم بدماء ضحاياها في كل مكان ينزحون اليه بحثاً عن الأمن والأمان، وتتشييع أحلامهم مع جثامين قتلاهم لدفنها بعد أن صارت الحرب تسرق ألابتسامة من وجوه صغارهم والفرحة من عيونهم.

لقد اصطدمت أحلام المشردين في اليمن، بانهيار الهدنة الإنسانية التي أعلنت عنها منظمة الأمم المتحدة الخميس 9 يوليو بدءا من منتصف ليل الجمعة 10 يوليو وحتى نهاية شهر رمضان، وبانهيارها أُجهضت أحلام المشردين في مناطق الحرب، وما عقدوه من آمال وافراح مننتظر تحقيقها بإنتهى هذا الشهر الفضيل، والاحتفال بعيد الفطر المبارك في أجواء تسوده السلام حتى و إن كان مؤقتاً.

معاناة اليمنيين لا تنحصر فقط النازحين أو في استحالة إقامة حفلات الأعراس، أو لعب الأطفال، أو سرقة فرحة العيد من عيونهم، بل إنها تتجاوز تلك الروايات الحزينة والمعاناة التي نشاهدها ونسمعها هنا وهناك، حيث طالت حياة اليمنيين ككل ولم تفرق بين مواطن مستقر أو مشرد، وأصبح الكل مشرداً ولا يقوى على تحمل تداعات الحرب وانعكاساتها على حياتهم بعد إن تضاعفت مآسيها وويلاتها وكشفت المستور وضيق الحال عند ارباب الأسر ، وأنتشرت جرائم العنف والخوف والجوع في كل مناطق الوطن وفئات المجتمع.

كان اليمنيون على أمل وثقة كبيرة بإن تصمد الهدنة الإنسانية وتستجيب الأطراف المتحاربة لدعوت الالتزام بسريانها، مراعاة منها لمشاعر المواطن اليمني الخاسر الأول والأخير في هذه الحرب، وكأنهم على موعد انتظار هدية من المتحاربين في العشر الأخيرة من شهر رمضان ، وبمناسبة عيد الفطر المبارك، كانوا يطمحون الالتزام بها والعمل على استمرارها إلى الأبد لتصبح هدية للأجيال القادمة للتغلب على آثار الحرب، وما خلفته لهم من مآسي ومعاناة وتشرد ، والتفرغ لبناء مستقبل وطنهم الجريح، وتحقيق ما يتفق عليه المتحاربون ويرضي الشعب اليمني أولاً وأخيراً، وطي صفحة القتل والمعاناة والتشرد وتحويل الحرب وما نتج عنها إلى ارضية تنطلق منها مرحلة السلام وتحقيق الرخاء والديمقراطية في اليمن ، كما حصل في بلدان كثيرة في أوروبا تحقق لشعوبها استقرار شامل عقب الحروب الأهلية التي شهدتها.

أخيراً فإني أدعو من الله الفرج لشعبنا الصبور والوصول إلى هدنة دائمة، وسلام شامل لينعم اليمنيين بالاستقرار، وعودة المشردين إلى ديارهم وتحقيق أحلامهم، وجمع شملهم مع أهلهم وأسرهم وذويهم وكل محبيهم، وعودة الأمن إلى مدنهم، والفرحة والابتسامة إلى وجوه الأطفال والشيوخ والنساء والشباب، والانتقال إلى مرحلة جديدة يسودها التآخي والمودة والسلام بين كافة أبناء الشعب اليمني.