الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥٣ مساءً

الثالوث القاتل وتفتيت الدولة اليمنية

عبدالحميد جريد
الخميس ، ٢٤ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٠١ صباحاً
في يوم 22 مايو عام 1990م ولدت الدولة اليمنية بحلتها الجديدة بعد فترة طويلة من التشطير والتقسيم للدولة اليمنية وبالرغم من الفرحة التي عمت جميع أبناء الشعب اليمني في ذلك اليوم المتمثل بيوم الوحدة اليمنية وضع الشطرين الشمالي والجنوبي تحت دولة واحدة ممثلة بدولة الجمهورية اليمنية حيث مرت الدولة اليمنية خلال تلك الفترة بثلاث مراحل تتحكم بها ثلاث قوى رئيسية تسعى لتفتيت الدولة اليمنية من خلال التحكم بثروات الوطن وبما أن المشكلة الرئيسية في اليمن أن لا احد يعلم من هو المسئول عما يحدث من تجاوزات وانتهاكات وفساد ونهب للمال العام فالكل يشكو من تدخل الآخرين والجميع لايجروء على الحديث عن مكامن الخلل وأسبابه , وفي هذه السطور سنوضح مفهوم الثالوث القاتل ومراحل التفتيت التي مرت بها اليمن تحت سيطرة الثالوث القاتل

أولا مفهوم الثالوث القاتل :
يضم الثالوث القاتل ثلاث قوى رئيسية استحكمت بالوطن وثرواته وتقاسمت الوظائف والمناصب فيما بينها وترتبط العلاقة فيما بينها بعلاقة عصبوية تستطيع كل قوى منها ومن خلال التراضي بين الثلاث القوى بعمل مايحلو لها مستندة إلى مساندة كل قوى للأخرى وتتمثل تلك القوى كالتالي :

1- علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية :
وهو يمثل القوى الأولى من قوى الثالوث القاتل ينتمي الأخ علي عبدالله صالح إلى قرية سنحان جنوب محافظة صنعاء وينتمي إلى أسرة بسيطة وقد التحق بالسلك العسكر ي في سن مبكرة من عمره واستلم الرئاسة في عام 1978م في فترة اشتهرت بالاغتيالات السياسية وبعد وصوله للحكم سخر كل ثروات البلاد من اجل البقاء والديمومة والاستمرارية في الحكم مستخدما الأزمات والصراعات بين القبائل اليمنية وقد شهد الشعب والقبيلة في سنوات حكمه الكثير من الصراعات وانتشر الثار بين القبائل بسبب غياب القانون والقضاء العادل كما قام بتفريخ المشايخ ( تنصيب مشايخ ضد مشايخ ) مما زاد بالصراع القبلي وعدم الاستقرار للقبيلة كما تنازل عن كثير من الأراضي اليمنية لدول الجوار بزعمه انه يريد التوصل إلى اتفاق مع تلك الدول وإقامة علاقة جيدة ومتينة معها متناسيا أن الأرض هي ملك للشعب وليس للأشخاص وقد سخر اكبر الوظائف في الدولة إلى عائلته وأقاربه كما تفشى الفساد في الحكومة من خلال الرشوة والمحسوبية وما يجري اليوم ماهو إلا نتاج لسلبية نظام حكمه .

2- علي محسن الأحمر
يمثل القوى الثانية للثالوث القاتل في اليمن وينتمي إلى قبيلة سنحان جنوب العاصمة صنعاء وعرف بأنه الأخ الغير الشقيق للرئيس على عبدالله صالح لكن هناك تغير بعد الثورة الشبابية حيث قال البعض أن على محسن الأحمر لم يكن شقيقا لعلي عبدالله صالح وبغض النظر عن صفة القرابة المهم أن كل الإعمال الذي قام بها على محسن الأحمر منذ تولي صالح السلطة في 78م تدل على نوع الولاء والبراء للقوى الأولى من قوى الثالوث وهو يدير الفرقة الأولى مدرع وقائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقد قام بالاستيلاء على الكثير من الأراضي داخل أمانة العاصمة مستخدما مشائخ بعض القبائل بالاستيلاء على الأراضي كما تم الاستيلاء على العديد من الأراضي داخل المحافظات الجنوبية إبان حرب94م زاعم بأنها غنائم حرب وليس ببعيد ماحدث في صعدة خلال ستة حروب متتالية والذي شردت الكثير من الأسر ولازالت محافظة صعدة إلى اليوم تبكي جراح أبناءها ومن المفارقات العجيبة أن ترى اليوم هذه القوى تعلن حمايتها للثورة الشبابية السلمية مع ان الكثير من الثوار المتواجدين في الساحة اليوم هم من أبناء صعدة الذي كانوا طعما لسلاح القوى الثانية فكيف يحميهم اليوم من قتل بالأمس ! وإذا كان مثلا النية صادقة لماذا نرى أن القوى الأولى للثالوث القاتل لم تقوم بأي تأثير تجاه هذه القوى إن كانت تدعي بأنها هي السلطة الحاكمة في اليمن ويرى كاتب السطور من خلال ملاحظته لما يجري اليوم في بعض الشوارع الذي تتواجد فيه أتباع القوى الثانية لوحات حائطية مكتوب عليها عبارات اليمن متسع للجميع حيث إن هذه العبارات ظهرت من بعد المظاهرات التي ظهرت في السائلة ( النهرين ) المطالبة برحيل الجميع أي الثلاث القوى الرئيسية في تفتيت الدولة أليس هذا يدعي إلى الاستغراب فكيف بالأمس تطالب القوى الثانية للثالوث برحيل القوى الأولى واليوم تعلن بان اليمن متسع للجميع !

3- أبناء الشيخ الأحمر :
يمثل أبناء الشيخ الأحمر القوى الثالثة للثالوث القاتل في اليمن وينتمون إلى قبيلة حاشد محافظة عمران ومنذ قيام الوحدة اليمنية لم يكن لهم أي تأثير بسبب وجود والدهم رحمه الله الذي كان يمثل موضع التوازن في اليمن ولقد سيطرت هذه القوى على مجلس النواب طوال الفترة كما سيطرت على الكثير من الموارد وعمل البعض من هذه القوى في التجارة الخاصة والبعض الآخر في السلك العسكري والبعض في زعامة القبائل ومع ذلك ترى أن لهم مكان رسمي وكأنه مكان للتوريث الأسري المتمثل بمجلس النواب الذي أكثر أبناء الشيخ أعضاء فيه بغض النظر عن أعمالهم الأخرى وليس هم بعيد من القوى الأولى والثانية في التسلط والحكم ترى أن لهم اثر كبير على الساحة اليمنية بمساعدة القوى الأخرى كما كان لهم ادوار في مرحلة حرب 94م ومرحلة حروب صعدة الستة ومرحلة الثورة الشبابية السلمية بنفس ماكان للقوى الأولى والثانية


ثانيا مراحل تفتيت الدولة اليمنية :

1- مرحلة حرب 94م
لقد كانت تلك القوى متفقة فيما بينها للبقاء على السيطرة السلطوية في اليمن واعتبرت كل من يطالب بحق من حقوقه السياسية عبارة عن متآمر وانفصالي متمرد وخارج عن النظام والقانون وبذلك شنوا حربا ضروسا أنهت قيادات ومؤسسات وبنى تحتيه ولا زالت اليمن تعاني من ويلات تلك الحرب وما خلفته من شهداء وجرحى من أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب ومشاكل في منطقة جنوب اليمن إلى يومنا هذا المتمثلة بالقضية الجنوبية الذي تعتبر ضحية ماقام به الثالوث القاتل في اليمن من نهب للأراضي ومصادرة الممتلكات الخاصة ومصادرة حقوق القادة العسكريين في الجنوب باسم الانتصار للوحدة .حيث وقد خسر ت الدولة اليمنية إزاء تلك الحرب ..........

2- مرحلة حروب صعدة
لقد عاشت محافظة صعدة ويلات ستة حروب ولسنوات متتالية من عام 2004م إلى عام 2010م أحرقتها وشردت جميع أسرها بسبب الحرب من قبل الثالوث القاتل ضد جماعة دينية سبق وان قدم لها الدعم وبالرغم من دعم الثالوث القاتل لتلك الجماعة في بداية التسعينات لضمان سياسة (فرق تسد) من خلال بث الصراعات بين كل الجماعات الوهابية والزبدية وبقاء تلك القوى كمحكم رئيسي لها وبعد ذلك وصفوا تلك الجماعة بجماعة متمردة بريد تدمير البلاد وبث الفتنة الطائفية والمذهبية ولم يقتصر الحرب بين الجماعة الدينية ( جماعة الحوثي ) والجيش فقد حاولت قوى الثالوث القاتل أن تنشر الحرب بين القبائل في المحافظة ضد الحوثيون وإقليميا مع المملكة العربية السعودية ودوليا مع تنظيم القاعدة واستفادوا من خلال ذلك بجلب الأموال والثروات الطائلة من الدول الخليجية خاصة المملكة العربية السعودية وقطر ومن المجتمع الدولي بحجة النازحين والأعمار ومحاربة التمرد والإرهاب في المنطقة وكما أصبح الإرهاب ذريعة لقوى الثالوث تجاه الدول العربية والأوربية لجلب الأموال والأسلحة استخدمت أيضا جماعة الحوثي ذريعة تهديد الجارة السعودية متقمصة العداء السعودي الإيراني زاعمين إن إيران هي من تدعم تلك الجماعة وقد نجحت تلك القوى في ترهيب أبناء الشعب اليمني .

3-- مرحلة الثورة الشبابية السلمية :
بالرغم من ان الثورة الشبابية قام بها مجموعة من الشباب اليمني الذي عاش طيلة عمره في نظام لايوجد فيه مكان لتطبيق الدستور والقانون ولا تحترم فيه الحريات الشخصية وفيه امتهان للكرامة الانسانية لذلك كان شهر فبراير من سنة 2011 م هو بداية الانطلاقة والجهر ضد الظلم والمطالبة بنظام حكم يمتثل للدستور والقانون وتطبق فيه العدالة الاجتماعية بعد صمت وانين لمدة زمنية طويلة ولا ضيم ماقام به الشباب اليمني من استلهام ثورتهم على غرار ماقام به إخوانهم في تونس ومصر لان التشبه بالكرام فلاح , إلا أن الثالوث القاتل في اليمن استطاع أن ينفذ كل مخططاته ورغباته بذريعة حماية ومناصرة الثورة الشبابية فمثلا نرى إن القوى الأولى للثالوث القاتل قامت بتوسيع وزيادة الأزمات الاقتصادية مستخدمة العقاب الجماعي ضد كل أبناء الشعب اليمني بذريعة إن القوى الثانية والثالثة سيطرت على الثورة الشبابية كما مثلت وادعت القوى الثانية من قوى الثالوث القاتل بأنها ضد النظام وإنها تقدم كل دعمها وحمايتها للثورة الشبابية السلمية لكن المتابع لمايجري في الواقع يرى بان تلك القوى قامت بحصر الشباب الثائر في منطقة محددة في ساحة التغيير في الجامعة واستطاعت أن تحكم قبضتهاعلى أي توسع يقوم به الثوار الشباب ولو تساءلنا عن كيفية الصراع المعلن من قبل تلك القوى كيف تستطيع تلك القوى بأخذ كل مستحقاتها من الخزينة العامة للدولة بمعنى كيف لايزال على محسن الأحمر يستلم مرتبات جنوده القدامى والجدد من الخزينة إذا كان أنصار النظام الحاكم يقولون بأنه منشق عن النظام والقانون اليمني كيف يمنحوه ذلك ؟ وبالمثل ماتقوم به القوى الثالثة للثالوث القاتل من استخدام رأس المال الذي تملكه في تجييش القبيلة مستخدمة الصراع المسلح بحجة أنها تدافع عن الثورة بالرغم ان الثورة الشبابية هي ثورة سلمية لم ترفع سوى القلم كشعار لها .

خلاصة :
من خلال ماسبق ذكره ومن خلال قراءة الواقع الراهن للساحة اليمنية يلاحظ ان تلك القوى الثلاث المكونة للثالوث القاتل قد نجحت في تخطيطها واتفاقها وتعاونها على تفتيت الدولة اليمنية وذلك من خلال ماظهر على الساحة اليمنية من عقاب جماعي للشعب اليمني المتمثل بالأزمة الاقتصادية والسياسية الذي بلغت أوج ارتفاعها منذ قيام الوحدة اليمنية كذلك إسقاط العديد من الخدمات الأساسية على الشعب اليمني سواء كانت الكهرباء , المياه , المواصلات , التعليم ......... لخ

- الحرب في الحصبة وفي حي صوفان والتي أدت إلى تشريد ونزوح أهالي تلك الأحياء وأدت إلى تدمير البنى التحتية للمنشآت الحكومية والمتمثلة بخمس وزارات ومكاتب حكومية اخرى والمتأمل لما حدث يرى بان هناك براهين تدل على اتفاق بين تلك القوى لتدمير منشآت الدولة .

- الحرب في أرحب ونهم والحيمة الخارجية والتي ساعدت الكثير من القبائل اليمنية على التقطعات ونهب أي شي له صله بالدوله مثل السيارات والقاطرات وغيرها من ممتلكات الدولة زاعمين أن أعمالهم تلك هي من ستساعد الثورة الشبابية متناسين أن الثورة الشبابية سلمية تريد بناء دولة حديثة تخضع للدستور والقانون وتبتعد عن العرف اليمني السابق ( إن وجد الغريم والا ابن عمه غريم ) وهو حاصل اليوم بمايسمى بالقطاع بين أبناء القبائل اليمنية على الخطوط الطويلة . وكل ذلك دليل على تفتيت الدولة وانهيارها جنب الله اليمن أعمال أشرارها والهم الله أخيارها ودمتم في رعاية الله وحفظه أيها المواطنون البسطاء.