الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤١ صباحاً

معنى أن تحارب ايران الطائفية

فاروق يوسف
الاربعاء ، ٢٩ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٦:١١ مساءً
أصيب الكثيرون بالدهشة المغلفة بالاستغراب حين سمعوا محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الايراني وهو يتحدث عن موقف بلاده المناوئ للطائفية. ومصدر تلك الدهشة انما يكمن في الاعتقاد بإن ايران وهي مركز رئيس من مراكز بث الفتنة الطائفية في العالم الإسلامي لا يمكنها أن تنكر بيسر موقفها الطائفي المتشدد.

وهو اعتقاد خاطئ يقف على الضد من المسلمات العقائدية الشائعة شعبيا في ايران.

فلا اسلام في ايران غير اسلام المذهب المعتمد رسميا من قبل النظام. لذلك فمن الطبيعي أن تدور الامور كلها في فضاء طائفي لا يغادره احد حتى وأن غادر الايمان الديني قلبَه. المثقف المعاصر في ايران هو طائفي بالفطرة. لا يهم إن كان ذلك المثقف علمانياً أو ملحداً.

تعريف الاسلام في ايران هو تعريف طائفي بحت. فلا معنى للإسلام بالنسبة للإيرانيين إن أزيحت منه المرويات التي تتعلق بسيرة آل البيت. التاريخ هنا يتقدم على العقيدة، بل أنه يشكل عمودها الفقري.

الايراني كائن طائفي بالسليقة. لا لأن تدينه هو نوع من التعبئة الطائفية حسب بل لأنه يرى في الآخرين اعداء لآل البيت لذلك تحق له كراهيتهم ويحق له أن يتآمر عليهم من أجل الحاق الأذى بهم.

ولأنه لا يرى في موقفه نوعا من السلوك الطائفي فإنه يتهم الآخرين بالطائفية لا لأنهم يمارسون عليه العزل والتهميش أو يكفرونه بل لأنهم لا يتبعون ملته في تعظيم الشعائر التي يمارسها والتي هي بالنسبة له من أصول العقيدة.

وإذ يغالي الايرانيون في اظهار حبهم القاتل لآل البيت فإنهم يفجعون بموقف الآخرين العقلاني من تلك المسالة، حيث تنزع العصمة من الائمة على سبيل المثال.

في هذا السياق يمكن النظر إلى تصريحات ظريف ووزير خارجية ايران.

ظريف يفكر بطريقة ايرانية. لذلك كان صادقا في ما يقول.

ايران تحارب الطائفية فعلا. بمعنى أنها تحارب فكر الآخرين، وهو فكر منحرف قياسا للخط المستتقيم الذي يمثله فكرها.

وهو ما يعني أن ايران لا تعتبر موقفها من الآخرين قائما على أساس طائفي.

فهي محقة في تصوراتها العقائدية بناءً على فهمها للإسلام.

بالنسبة للإيرانيين فإن كل ما يفكرون فيه وكل ما يفعلونه منسجم مع اسلامهم، هل عليهم أن يؤمنوا بأن هناك اسلام آخر يقع خارج تقديس آل البيت والمسيرات الجنائزية التي صارت جزءا من الفلكلور الديني الايراني؟

حين يتهم الايراني المسلم الآخر بالطائفية فإن ذلك معناه أن ذلك الآخر ليس من أتباع المذهب الشيعي ـ الصفوي القائم في ايران. هذا الحكم يشمل الكثيرين من أتباع المذهب الشيعي الذين هم ليسوا صفويين.

الطائفي في المعجم السياسي الايراني هو كل مسلم لم يصب باللوثة الصفوية التي لا تقف عند حدود تقديس آل البيت وهم أحفاد علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة الزهراء، بل يتجاوزه إلى اعلان كراهيته لعدد كبير من صحابة رسول الله. وهو ما يفصح عن عته أصيب به العقل الايراني وهو يسعى إلى تمرير حقده التاريخي على العرب من خلال مذهب فكري كان العرب هم الذين اخترعوه.

كان ظريف في تصريحاته سياسياً منافقاً، غير أنه لم يكن يكذب قياساً لما تظهره المرآة الايرانية من طائفية الآخرين وما تخفيه من طائفية أصحابها.

هناك طبعا في العالم الإسلامي مَن ينافس ايران في غلوها الطائفي. فرق وجماعات شاذة لا ترى من الإسلام إلا طريقتها في التدين وسلوكها في اداء الشعائر الدينية وموقفها المتخلف من الإنسان، غير ان وجود تلك الفرق والجماعات الطائفية لا يمنح ايران غطاءً لطائفيتها.

طوال عقود من الزمن لم تصدر ايران إلى العالم العربي إلا صوراً من طائفيتها المقيتة.

"ميدل ايست أونلاين"