الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١١ مساءً

اليمن....من الحرب الى الانتداب؟!

حسين الوادعي
الثلاثاء ، ١١ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٤:٠٤ مساءً
الانقلابات الفجائية من الحزن الى الفرح لا تحدث الا في الافلام الهندية او مسلسلات الميلودراما العربية الفجه. اما الواقع فلا تنقلب فيه الأحداث بين يوم وليله. وهذا ما يجب ان نتذكره ونحن نتطلع الى ‏مفاوضات مسقط.

- يجب ان لا نتناسى ان ‏السعودية صارت تشكل "سلطة انتداب" حسب تعبير عبد الباري عطوان. ومن سخرية القدر ان ‏الحوثيين الذين رفعوا شعار الخلاص من "الهيمنة" قدموا للسعودية فرصة ذهبية لتأسيس سلطة احتلال شامله تسيطر على الاقتصاد والسياسية والتوازنات على الارض. لن تتخلى السعودية عن "سلطة الانتداب" ولا عن حقها في استخدام القوة والتدخل العسكري متى لزم الأمر.

- من السذاجه الاعتقاد ان السعودية ستترك اليمن مرة أخرى بعد ان افلتت مقاليد الأمور من يدها سابقا وتحولت الى تهديد عسكري ووجودي لا يستهان به. والتهديد لا يقتصر على الوكيل الايراني فقط (الحوثيين)، وانما القاعدة وداعش أيضا.

- ان اي اتفاق سياسي لن يكون الا تحت سلطة "الانتداب السعودي" . ينطبق ذلك على الحوثيون الذين لن يستطيعوا حتى التحرك من بيوتهم او مغادرة اليمن دون موافقتها. فهل سيوافق الحوثيون على موقعهم الجديد كحزب لا يصالح السعوديه فقط بل يحرص على رضاها والتحالف معها صد "الخصوم"؟!

- رغم صعوبة تأكيد المعلومات عن صفقة ‏روسية امريكية يتم بموجبها التخلي عن سوريا لصالح ايران و ‏اليمن لصالح السعودية الا ان هذا هو التفسير المنطقي الوحيد ان صدق للتحول المفاجيء في موقف السعودية وموقف الحوثيين والتفاؤل المبالغ فيه للوصول الى مصالحة وطنية كبرى!

-لكننا يجب ان لا ننسى في غمرة التفاؤل ان الحوثيين حركة "سلفية جهادية" تحارب تحت لاهوت "التمكين الإلهي" اكثر من براغماتية الميدان. كما يتركز صنع القرار في يد شخص واحد يجمع بين الاحساس بعثمة الإمام وهيمنة القائد وحتمية التمكين. ولا يوجد ضمان انها قادرة على التحول من سماء الولاية الى أرض السياسة حتى لو انتكست عسكريا.

- نجحت السعودية في عزل إيران وامريكا عن الشان اليمني وصارت تمتلك كافة خيوط اللعبة وتؤثر على كافة أطراف اللعبة السياسية. ولا شك انها ستظل تستخدم قطع الشطرنج اليمنية لابقاء اليمن تحت وصايتها. هادي لمواجهة الحوثيين و ‏الحراك، و الحوثيون لمواجهة الإصلاح، والاصلاح لمواجهة الحوثي و المؤتمر.

- كما ستظل السعودية متحكمة بملف التسليح والجيش الذي لا يجب في اي حال من الأحوال ان يهدد امن السعودية او اوهامها المستقبلية.

- الاحتفال السعودي المفاجيء بمفاوضات مسقط وبالدور المستقبلي للحوثيين ليس الا اعلانا للانتصار على أرض السياسة كما تم الانتصار في الميدان العسكري. سيتمتع محمد بن سلمان بسلطة داخل اليمن ان لم تكن بحجم سلطة ‏بول بريمر في العراق المحتل، الا أنها لن تقل عن سلطة ‏بشارالاسد في لبنان في سنوات التدخل السوري.

- اللعبة لم تنته. والغموض كبير. لكن ان تم التوصل لتسوية سياسية) ستنتقل اللعبة الى مرحلة جديدة. من مرحلة الحرب الى مرحلة الانتداب. ولا يمكن ان يتوقف صوت المدافع في اليمن اذا لم توقع كل القوى اليمنية على صك الانتداب.

- رغم كل هذه التعقيدات يبقى ايقاف الحرب (ان تحقق) انجازا بحد ذاته.
مساؤكم سعيد.