الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٩ مساءً

الحوثي وفأس المناطق الشمالية!!

عبد الملك شمسان
الخميس ، ١٣ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٤:١٠ مساءً
شرع صالح والحوثيون في خيارهم المسلح، متجاوزين نصائح كل القوى السياسية التي كانت حريصة على أن يواصل الجميع العملية السياسية بالحوار وأدوات السياسة، وفي مقدمة هذه القوى السياسية التجمع اليمني للإصلاح.

مضوا في هذا المسلك الذي كانت نهايته معروفة سلفا، وأوغلوا في الدماء والعنف والإجرام بحق اليمنيين حتى اضطروا الشعب اليمني في مختلف محافظات الجنوب والوسط إلى خيار المقاومة المسلحة، متجاوزين دعوات كل القوى السياسية التي كانت حريصة على إقناعهم بالسلمية، وفي مقدمة هذه القوى التجمع اليمني للإصلاح، وإن كانت جميع هذه القوى تؤيد المقاومة وحق الناس المشروع في الدفاع عن النفس.

لم يكف صالح وحلفائه الحوثيين ما فعلوه من قتل ودمار وخراب وما جلبوه على البلاد، وهاهم اليوم يجددون في صنعاء وما حولها أعمال العنف والعدوان والممارسات الاستفزازية وتعمد تأجيج الأوضاع وتهييج الرأي العام، وما لم يرجعوا إلى بقية عقل لديهم فإنهم يفتحون على أنفسهم في هذه المناطق بابا إلى المجهول، أو هو باب إلى المعلوم لو أنهم يستمعون لناصح!!

لقد انطلقوا من أقصى الشمال يقتحمون المدن والقرى بغرض السيطرة على صنعاء والسلطة والقرار، ثم أوغلوا قبل "عاصفة الحزم" في المحافظات لتحسين شروط التفاوض، أي أثناء الدعوات إلى ما كان يسمى "حوار الرياض"، وها هم اليوم يتظاهرون بالصمود في بعض جبهات القتال على أمل تحسين شروط الاستسلام بتعبير الدكتور محمد جميح، وأثناء ذلك يتحسسون الأرض من تحت أقدامهم بالعاصمة صنعاء، ويتوجسون خيفة من اندلاع مقاومة مسلحة فيها، ويظنون أن اقتحام البيوت واختطاف الإصلاحيين وغيرهم من الناشطين والصحفيين والاعتداء السافر على النساء أثناء تنفيذهن وقفة احتجاجية للمطالبة بإطلاق سراح المخطوفين، يعتقدون أن هذه الممارسات ستمنع عنهم اندلاع مقاومة بالعاصمة وما حولها، ولا يشعرون أنهم يؤججون الوضع في مجتمع أصبح كله بالنسبة لهم خصما، وأنهم أقرب إلى نتيجة نقيضة لما يريدون، ولا علاقة لها بالأشخاص الذين اختطفوهم، تماما كما لا تزال نتائج أعمالهم تتوالى من المحافظات بعكس ما كانوا يريدون!!

لم يعودوا يصمدون في أي من جبهات القتال، فضلا عن أن يتقدموا، وكل ما يفعلونه الآن أنهم يتظاهرون بالصمود على أمل تحسين شروط الاستسلام، وأجدر بهم -والحال هذي الحال- أن يبادروا لإيقاف حروبهم والإذعان لليمنيين والتسليم بالقرار الأممي (2216)، وأن يجنبوا مناطق الشمال ما نجت منه سابقا من تدميرهم وتخريبهم وعدوانهم رغم ما تعرضت له، ويكفي إلى هنا.

إلى هنا ويكفي ما فعلوه باليمن واليمنيين، بل إلى هنا ويكفي ما فعلوه بأنصارهم الذين غرروا بهم وخدعوهم بالتعتيم وبالكذب وألقوا بهم إلى المحارق غير مكترثين بحياتهم ودمائهم، وفي كثير من الأحيان لم يلتفتوا حتى إلى جثثهم.
الإصلاحيون الذين اغتالوهم بالأمس في المحويت وحجة، ليسوا أعز من آلاف اليمنيين الذين لا يزالون يستشهدون بأسلحتهم ونيرانهم في كل مكان، من صعدة وحرف سفيان إلى شبوة والمهرة وحضرموت. وبيوت الإصلاحيين التي اقتحموها اليوم في صنعاء واختطفوا أصحابها ليست أكثر حرمة من بيوت عامة اليمنيين التي اقتحموها وفجروها ودمروها وشردوا أهلها، من صعدة وعمران وحتى تعز والبيضاء ولحج والجوف والضالع ومأرب وإلى آخر أسماء المحافظات اليمنية.

إن دماء اليمنيين جميعا في رقابهم، بما في ذلك أنصارهم الذين سيظل أهلهم وقبائلهم يطلبون عندهم ثأرهم، خاصة وأن هؤلاء القبائل يشعرون بحاجتهم الماسة إلى ضمان مستقبل أفضل لا يرون أنه سيأتي إلا بتخلصهم من وصمة العلاقة مع الحوثيين وصالح في انقلابهم وحروبهم، والتخلص من وصمة مشاركتهم صالح والحوثيين فيما لحق بالبلاد وحل بأهلها وما لحق بعلاقتهم هم أنفسهم مع دول الجوار، وكل ذلك بالمناطق الشمالية يهدد الحوثيين -في حال استمرار صلفهم- بفأس كلا جانبيها حاد، وردة فعل من الأنصار والخصوم على حد سواء!!

لا يتوقف الحوثيون عن تدمير حاضرهم بإصراهم على الحرب ضد المجتمع وبممارساتهم ضد الناشطين والسياسيين، بل إنهم يتخطون حاضرهم إلى تدمير مستقبلهم الذي ما يزال الجميع يأمل أن يكون لهم معه مستقبل عبر العمل السياسي، بوصفهم جزءا من هذا المجتمع، أيا كان حجمهم الحقيقي فيه.
لم يحسنوا الدخول وقد أساؤوا وبالغوا، متحالفين مع طرفٍ شعارُه: الغدر من المهد إلى اللحد.. ولا أدري إن كان بقي أمامهم فرصة ليحسنوا الخروج!!