السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٤ صباحاً

ما نبالي.. ما نبالي.!

عارف أبو حاتم
الثلاثاء ، ١٨ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠١:٣١ مساءً
من أي طينة أنتم وأي أخلاق تحملون، يا أنتم يا رجال الصبر يا روح المدينة.. استغاثت بكم تعز وهي مرهقة كوجه الموت، فكنتم رجال قوة وملائكة رحمة وطواقم إنقاذ، تحملون الحياة في وجه من يحملون الموت.. صحيح لم تؤلمها القذائف بقدر ما أفزعها وجه الحوثي وهو يطل من صعدة قبيحاً كالفاحشة..

كان يأمر من كهفه في صعدة، ويرسل الآلاف للقتال، يوزع الموت مجاناً إلى البيوت.. شاب صغير لم يحظَ بأي فرصة للتعليم، ولم يعرف أي طريق للمدرسة. ولم تتعرف عليه طرق الأخلاق، لا يعرف حياة المدينة، ولم يألف قيم الحرية، وكل معالم الحياة وتطورها يكمن في هاتفه المحمول ولون مجلسه الداكن، وأن يتحدث وهو يستخدم يديه أكثر مما يستخدم عقله فهذه من وجهة نظره هي القدرة الكلية.
ظهر السبت الماضي كان موعدنا مع انتصار استثنائي قاده شباب تعز.. نعم خذلتهم قيادة الدولة وقصرت عمداً معهم، وتباطأ التحالف العربي في المدد، فرآهم إله المدد من عليائه، وقال: «وعزتي وجلالي لأنصرن تعز ولو بعد حين».. «ومن أصدق من الله قيلا».. نصرهم بعد 24 ساعة فقط من قصف ميليشيا الحوثي لأكبر مسجد في تعز، وقت أداء صلاة الجمعة.. بعد دقائق قصيرة من النصر المبين كان حماة تعز يسجدون داخل حوش مبنى محافظتهم الذي سيطروا عليه بعد معارك ضارية ومؤلمة، قدموا فيها عدد من الشهداء، وقدم الحوثي وصالح عشرات من القتلى والجرحى، لا ذنب لهم سوى طاعة عمياء لكبرائهم، صور قتلى الحوثيين في باب محافظة تعز، كان في غاية السوء.. جاؤوا من صعدة وعمران وذمار يبحثون عن حق «السيد» في الحكم..

بعد مرأى تلك الصور زاد يقيني بجملة تعبيرية قلتها مطلع نهاية الأسبوع الماضي لقناة العربية، وهي: أن الحوثي لا يرى في رؤوس أبناء القبائل والهاشمين غير أحجار يُعَبّدُ بها طريق أحلامه إلى القصر..

قلناها مراراً: يا إخواننا القبائل احفظوا أولادكم، لقد يتموا أطفالهم، أرملوا نسائهم، أدخلوا الحزن إلى كل قلب، ارحموهم وارحموا الناس منهم..

بالله عليكم عندما تستلمون هذه الجثث ماذا ستقولون لأهلها؟ نعم.. ماذا ستقولون أنتم.. أما عبدالملك الحوثي فقد قالها صريحة: «ما نبالي.. ما نبالي».. وهو شعار يتردد في أغاني الحوثيين «الزوامل» ويدل بوضوح إلى عدم اكتراث أو تحمل مسؤولية قانونية أو تاريخية أو أخلاقية، فرجل بلا قيم ماذا تنتظر منه أن يفعل! ينتكس الحوثي في تعز وعدن فيذهب إلى انتصارات دنيئة في أرحب.. هناك يفرغ ما بداخله من خبث وكراهية لليمن، ويوم الجمعة الماضية فقط فجرت ميليشياته 21 منزلاً في قرية واحدة!
هل تعرفون الجنادبة؟!

أرحب التي قاومت الحوثي وقهرت صالح في 2011 أثناء حصار معسكرات الصمع وفريجة.. تدفع اليوم ثمن حريتها ووطنيتها.. الجمعة فقط تم تفجير 21 منزلاً بقرية الجنادبة، وهي قرية لا يوجد واحد من أبنائها موظف مع الدولة.. واليوم يدفعون أرواحهم ثمناً لبقاء الدولة، ويكتمل المشهد سرياليةً حين نعرف أن من خذلهم هم قادة الدولة.. فماذا قدموا لأرحب منذ بداية حرب الحوثيين فيها قبل أكثر من سنة؟!

بعد كل هذا الخراب هل يظن الحوثي وعلي صالح أنهما سيحكمان اليمن أو حتى يشاركان في حكمه، الأول كان «سيد الخراب» والآخر «أمير الحرب»، شاب مراهق وعجوز خبيث تمكنا من تدمير دولة بأكملها، وعجزا أن يهزا ثقة اليمني بنفسه.