الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٦ صباحاً

تعز .. يا وجع الكبار !

صدام الحريبي
الخميس ، ٢٧ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٤ صباحاً
تأت قناة "الجزيرة" وتلتقي رجل مسن على قارعة مستشفى "الصفوة" فتسأله عن حاله فيقول : يقال بأن بناتي الأربع قد استشهدن ولا أعلم شيء عن الباقي ..

هذا الكلام بحد ذاته يخدش في رجولة الصامتين والذين يعبرون عن رضاهم بذلك .. هذا الحديث هو عبارة عن خنجرا شديد الالتهاب في قلب وفؤاد كل شريف ، أما من يقومون بذلكم الفعل فلا صلح لنا معهم ويجب أن لا يعترف أحداً بهم فقد ابتعدوا كثيراً عن الآدمية ..

أتوا إلى "تعز" فاستقبلتهم وأحسنت في ذلك ، ظلوا يتجولون في شوراعها مدججين بالسلاح مع أن السلاح هو عدو "تعز" الأزلي والذي لا يمكنها تقبله أبداً ، ومع ذلك تحملتهم كثيراً ولم تطلق رصاصة واحدة حتى بادروا هم بذلك .. وأنى لعظيمة أن تدع نفسها ضحية لمجرم ؟
تناسى هؤلاء القتلة الذين قتلوا "هديل" الطفلة وكثيرات وكثيرون غيرها بأنا أهل سلام ومحبة ونصرة ورجولة .. فعندما كنت في الإعدادية كنت أذهب صباحاً إلى مدرستي ﻵخذ رخصة من إدارة المدرسة _أحياناً_ وكان الأستاذ "صالح" يقول لي مستغرباً: ما الخطب ؟ ﻷنه يعرفني ويعلم بأنه لا داعي ﻹجازتي ، وكوني لا أتغيب أبداً عن المدرسة إلا لخطب مهم ..

كنت أذهب قبل الطابور الصباحي ﻷخذ رخصة كي أستطيع اللحاق بالباص الذي يذهب إلى "ميدان الشهداء" أو "شارع جمال" أو "جولة وادي القاضي" ب"تعز" كي نقيم اعتصاماً سلمياً ووقفات احتجاجية ضد الحروب التي كان النظام السابق يفرضها على الحبيبة "صعدة" .. نعم كنت أترك المدرسة مع أنني كنت من أشد المهتمين بالدراسة والحضور وكنت أضحي بذلك من أجل نصرة إخواننا في "صعدة" التي كانت جريحة وكنا نهتف ضد الحرب الظالمة عليها ، وكنا نرفع الصور والهتافات عالياً .. نعم و "تعز" التي يقتل أطفالها وبناتها ونسائها وشيوخها وشبابها اليوم من كانت تناصرهم بالأمس وتقف إلى جانبهم وتقف بكل قوة وعناد ضد من كان يقتلهم بالأمس تشهد كل شوارعها وبيوتها وأبنائها المسيرات والهتافات التي كانت ضد الحرب على "صعدة" ..

نعم .. هي "تعز" نفسها التي تربى فيها من يقود الحرب الإجرامية الانتقامية الفاشية عليها .. كانت "تعز" ترفق به وتخشى عليه من أي مكروه ، لكنه لم يتصنع لها ولم يتذكر يوماً بأن أهلها عاملوه بكل حب واحترام وشهامة ، ليأت اليوم ويقتلهم بطرق نازية وفاشية ..
لذلك لا تحزني يا "تعز" يا وجع الكبار ، فأنت الكبيرة وأنت العظيمة وأنت الأم وأنت صانعة كل جميل مهما حاولوا تشويه جمالك ، وما كنت وما زلت تقدميه من أجل كل بقعة في أرض اليمن يدل على عظمتك وعلى روح الأم التي تخاف على أولادها ..

"تعز" يا وجع كل شريف هناك من أبنائك من تحمسوا كثيراً وأصبحوا يتلفظون ضد بعض محافظات أخرى وكان ذلك بسبب ما رأوه من إجرام وسقوط المعتدي ، لكنهم ظلموا أنفسهم وظلموك وظلموا الآخرين ، فالقاتل شخص وليس محافظة والمجرم محصور في دائرة معروفة ولا يجوز لنا التعميم ﻷن المحافظات جميعها تبكي لجرحك وتئن لآلامك ومعاناتك ولا تؤيد المعتدي أبداً .. أعرف يا جريحة بأنك ستغضبين من حديث بعض أبنائك الذي ذكرته سابقاً ، ﻷنك أكبر وأعظم من ذلك ، لكن لا عليك سيتلاشى كل ذلك بعد دحر المعتدي إن شاء الله .. وسيكون كل اليمنيين يدا واحدة وستكونين الأم الحاضنة للجميع ..

ألقاكم بتعز المحررة .. ألقاكم بوطن .