الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٦ صباحاً

اليمن : السابقون يحكمون !

سام الغباري
الاربعاء ، ١٤ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٥:١٦ مساءً
يراهن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على فشل نائبه السابق والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي ، ذلك ما يمكن معرفته بقراءة سريعة لحوار الرجل "الملتح" على قناة "الميادين" قبل أيام ، تلاها خطاب ناري بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م .

- يبتسم الرئيس اليمني الأسبق "علي ناصر محمد" دائماً ، حتى أيام الحزن يظل محتفظاً بإبتسامته الإيرانية الماكرة ، إنه رجل الفارسيين الأكثر حضوراً في اليمن ، وهو صديق قديم لعلي صالح الذي صار حاوياً بارعاً لأفاعي اللعبة الدولية ، بيد أن ناصر هو من جلب صالح إلى إيران ، رغم أن الأخير لم يكن قد اتخذ موقفاً علنياً واضحاً من ذلك خشية قطع علاقته الإستراتيجية مع النظام السعودي ، وقد كانت مؤشرات بداية صالح مع النظام الإيراني قديمة لكنها غير متجذرة عام 1982م بموافقته على عودة المرجعيات اليمنية الزيدية العتيقة من نجران السعودية إلى صعدة مثل بدر الدين الحوثي ومجد الدين المؤيدي ، ودعمه الباذخ لتنظيم الحوثيين المعروف سابقاً بإسم الشباب المؤمن عام 1996م بقيادة حسين بدر الدين الحوثي ، إلا أن عز ارتباطه بالنظام السعودي في عهد الملك الراحل عبدالله سمح له بشن حرب ضروس على ذلك التنظيم وقتل زعيمه الروحي ، غير أن صالح الذي لا يقطع خيوط اللعبة مع أشد خصومه عدائية احتفظ بتلك الخيوط مع "الحوثيين" حتى الآن .

- في المجمل يعامل الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض المواطنين الجنوبيين بمشاعره النزقة ، فهو لا يستطيع الإحتفاظ بجماهيريته الحاضرة سوى بالمال ، عاد من احضان إيران الى السعودية مع بداية عاصفة الحزم ، لكن ذلك لا يعني أنه حليف موثوق لها ، يحاول أن يجد لنفسه موطئ قدم ثابت ، يعيده إلى امجاد مشروعه الإنفصالي الواضح ، يعتقد أن تحالفه السابق مع السعودية في 94م يمكن إحياءه الآن ، لكن ذلك ما لا يمكن تحقيقه لأنه يعني أن يظل الحوثيون مصدر قلق دائم للمملكة ، تستطيع إيران من خلالهم تمرير الكثير من الأعمال التخريبية وحرب الإستنزاف .

- المهم أن كل الرؤساء اليمنيين السابقين يعملون بجد ، يتحركون ، يتحكمون ، فيما يغيب الرئيس الحالي عن المشهد وبيده كل شيء ، إلا أنه سيخيب آمال التحالف العربي كما خيب قبلهم آمال التحالف الدولي ، عبدربه منصور هادي لم يكن حاضراً ولو بصورة واحدة في احتفال ساحة العروض بمدينة عدن التي اعلنها عاصمة "مؤقتة" لليمن ، لم يستطع الرئيس أن يحضر بصورة ، بقصيدة ، بكلمة واحدة ، فكيف لي أن احضر أنا ! ، وأن افتخر بعودة عدن ، وأنا من الشمال ، ومن "ذمار" المتهم غريزياً بالإنتماء للحوثية رغم كل الجرائم التي ارتكبتها تلك العصابة بحقه ، وبعديدين مثله !.


- بهذه الصورة يمنح "هادي" الحوثيين قضية نبيلة للدفاع عنها أو المزايدة بها لدن شرائح متخلفة لا ترى في الحرب سوى فرصة للحديث عن الكلمات الفخمة كالعزة والشموخ والصمود ، لكنها لا ترى حاجيات الناس المدمرة ، ولا دماء الأبرياء النازفة كنهر جارٍ في سبيل شعارات وأهداف وثوابت لا تنتمي إلى الفضيلة أو تقترب من صراط الله المستقيم . -

أنا مصدوم وتائه ، وهو التيه الذي ما زال مستمراً لأكثر من 200 يوم منذ بدأت العاصفة ، وعاد الأمل إلى اليمن بتدمير القدرات العسكرية للحوثيين وحلفائهم ، لكن هادي نفسه مصر على ألا يعود ، يستخدم شرعيته في إعاقة دول التحالف العربي ، وتقديمهم كمسوقين واقعيين للإنفصال اليمني - اليمني ، وهو الأمر الذي يحتاج الى اجابة واضحة من دول التحالف وليس من هادي ، لأن استمرار الصمت سيظل موصوماً لكل من دعم عجز الرئيس الذي لا يملك ابسط أدوات التفاعل من موقعه كمقاتل أول يقود حرباً على المتطرفين والإرهابيين في بلده ، ولو كان لنا غيره لاختفى الحوثيين من اليوم الأول لعاصفة الحزم ، بل ما كان لهم اساساً ان يتحركوا من كهف مران بجبال صعدة الصماء الى كل المحافظات اليمنية ، لكن ما يبدو لي ولليمنيين بمختلف تنوعاتهم ومحافظاتهم أنهم حزموا أمرهم برفع شعار عنوانه "السابقون .. السابقون أولئك المقربون" . .. وإلى لقاء يتجدد .