الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٥ صباحاً

مريم نور .. فنجان قوّة من اليمن!

خالد الرويشان
الأحد ، ٢٥ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٠١ صباحاً
كنا في حراز وكانت مريم نور تشهق مرتاعةً عند كل شاهقة .. وتتنهد ملتاعة عند كل إطلالة! .. كانت تهتف : هنا فقط يقال ياجبل مايهزّك ريح!
مريم نور أشهر من أن تعرّف ..اللبنانية الفيلسوفة صاحبة البرنامج اليومي الشهير في التلفزيون اللبناني new tv تملك وتدير مستشفى فريدا من نوعه في جبل لبنان للعلاج بالتأمل والتنفس ..والأرز الأسمر!
عالجت مريم نور العديد من الشخصيات العالمية والعربية .. وزارت العالم كله ..
عندما دخلت زائرةً لصنعاء القديمة في السادسة صباحا خلعت نعليها ومشت حافية! كانت تطوف أزقتها متبتلة هائمة ..تتأمل وجوه عواجيزها المتلفعين بشيلانهم وهم يشربون البن ..ورائحة البرعي والكباب تملأ الروح في صباح باردٍ لا ينسى!
في المساء كانت مريم نور في مسرح الهواء الطلق في صنعاء القديمة تتحدث عن الحياة والحب وأسرار الصحة والسعادة ..
في صباح اليوم التالي كنا في الطريق إلى المحويت وعندما وصلنا إلى الريادي لم تتمالك نفسها! .. جثت على ركبتيها كأنها تصلي! ..كانت مذهولة مما تراه. .القرى الغائمة على الذرى شاردةً وحيدةً ساهمةً ..
قلت لها .. هذه الريادي أسماها سليمان العيسى قصيدة الله!
قالت : لقد زرت العالم .. زرت الهملايا ..لم أجد مثل هذا المشهد .. وأكملت : صحيح هناك طبيعة شاهقة في العالم لكن لا تأثير للإنسان فيها كما هو هنا! ..هنا عشرات القرى في ذرى منقطعة مثل سكاكين مشرعة في الفضاء .. هنا كدح الآنسان وكفاحه ..وحده اليمني قاهر الطبيعة .. يالها من قوّة ..يالها من إرادة!
في طريق العودة وهي تتأمل الرجال والنساء في الحقول التفتت فجأة وهي تقول:
لاحظتُ أن أجساد اليمنيين ناحلة وصغيرة بشكل عام ..وهذه هي الصحة!
ضحكت من قولها .. وقلت أمّا هذه فغير معقولة!
قالت : الأجساد الضخمة تتعب القلب وتقصّر العمر!
وأضافت : اليمنيون يعتمدون على الحبوب ..وهذا سر رشاقتهم وصحتهم!
ووصلنا كوكبان للغداء .. وكان الترتيب أن يكون قد سبقنا من منزلي في صنعاء .. وتنفيذا لفلسفة قواعد مريم الصحية فقد كان الطعام كله في أوانٍ فخّارية .. أي من الطين! .. فهي تعتقد أن الطين هو القوة والصحة ..والطبيعة ..وأن الانسان إبن الارض ..أي الطين!
في المقيل أخذت مريم نور ورقتَي قات بين إصبعيها وقالت : هذا نبات له علاقة بالتنفس والشعور بالارتياح! ..إنّ شكل الورقة يشبه الرئة! ..هل ترون الشعيرات! .. إنها نفس شعيرات الرئة!
كنا نستمع إليها مذهولين! .. ولعلها أحست باستغرابنا .. فأضافت:
كل شعب في العالم له مكيّفاته .. هناك الخمور وأنواع النبيذ في الغرب .. وفي الهند والصين المئات من النباتات المكيفة! .. في كل مكان .. فلا تخجلوا من القات! .. فقط تخلصوا من الكيماوي القاتل والممنوع المضاف عليه!
عندما عادت إلى بيروت وفي برنامجها الشهير فنجان قوة تحدثت عن اليمن في حلقتين متتاليتين كما لم يتحدث أحد .. غيرت ديكور البرنامج وأصبح يمنيا خالصا .. حبوب وأنواع الذرة والفخّار والأقمشة التهامية الزاهية ..
ولم تفكر الفضائية اليمنية أن تعيد بث الحلقتين ..بل لم تذع حلقات خاصة عن اليمن سجلتها مريم نور مجانا في صنعاء .. وأهدتها للفضائية!
ماتزال مريم نور مبهورةً مسحورةً باليمن .. ولن أنسى أبدا شعرها الابيض الطائر في الحطيب حراز .. أو منظرها المهيب وهي تجثو متبتلة في الريادي!