الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٤ مساءً

العزاء للوطن

خالد محفوظ بحاح
الثلاثاء ، ١٠ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠١:٣٣ صباحاً
تتوارى المفردات حال الحديث الأخير عن حياة شخص بحجم الوطن، وتكاد نبضات القلب تخفق حسرة وألما لرحيله في هذا الظرف الاستثنائي ونحن في أمس الحاجة لكل رشيد ذي رأي صائب، فما بالنا ونحن نقف أمام المشهد الأخير في حياة حكيم اليمن وعميد سياستها، رجل التوازنات وأبرز روّاد الدبلوماسية الحديثة في بلادنا أستاذنا الكبير الدكتور عبدالكريم الإرياني رحمة الله ورفع قدره في الآخرة.

رحل عنّـا الأستاذ الهمام الملهم، وبلادنا تشهد هذا المخاض العسير، ونحن نمنّي النفس بولادة حقيقية لوطن منهك، أرهقته حماقات ونزق شرير لعدد من أبنائه، غير أن أستاذنا الإرياني كان يعد بؤرة العقل ومركز البصيرة في عُـتمة الصراع بلا عنوان، وكان مستودع الرأي الصائب والقلب الصادق.

كل من يعرف أستاذنا الكبير يُـقر له بالموسوعية والعبقرية وسداد القول والعمل، والمذهل أن كل ذلك يتجلّى في شخصية متواضعة سهلة ممتنعة وحادّة الذكاء، فـمَن لنا بمثلك يا أبا يزن ؟

ثُـلمة أصابت الوطن برحيلك، وسبيلنا أصبح أكثر وعورة بفقدانك، لكن ومضاتك النيّرة وما أخذناه عنك ومنك سيبقى نبراسا نخط أثره في رحلة النصر المحتوم للأرض والإنسان اليمني العظيم.

رحمك الله وأنت المعلم، وتأريخك المشرق نستعرضه الآن أمام أنظارنا، فنعم الرجل اليمني الأصيل أنت، ونعم الإنسان الحق الذي حييت به، فرحيل قامة سياسية وطنية مثلك أيها الأستاذ ليس رحيلا عاديا يمر مرور الكرام، بل رحيل للتأمل وإعادة ترتيب المبادئ وسلامة الذهن، وتفنيد لمن عاش لوطن وحلم نبيل، ومن أسرته الأنانية والعبودية لنفسه وحسب، فرحيل أستاذنا الإرياني، الرجل الكبير عقلا وفكرا، والعظيم مقاما بين كل الأوساط، لا يمضي بهدوء، ولا يترجّـل الفارس عن فرسه ويدفن في مقابر الأموات دون دروس ووقوف على ما أفنى الرجل نفسه في سبيله.

أصدق التعازي نبعثها لأسرته وأحبابه، ولكل المخلصين من أبناء الوطن ومن يسير على نفس الدرب والنهج، فالوطن يرثى نفسه اليوم، والمصاب جلل ولا نملك إلا أن نقول .. إنا لله وإنا إليه راجعون.

*رئيس الحكومة اليمنية المؤقتة - نائب رئيس الجمهورية