الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٦ مساءً

حكاية الأذناب !!

طارق السكري
الاثنين ، ٢٨ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
(1)
تفجر النهر .. علي صالح يفر .. يعود وسط مخاوف أمنية وقلق كبير من المجهول ! أذنابه القذرة في صنعاء تحتفل عوضا عن البكاء .. الناطق الرسمي في الحكومة يسقط المنديل من يده .. غضب عارم يتربص .. يتمترس .. يرسل الجندي من تحت الكرافتة , تنهيدة حسرة تشق السماء :
حبيت وأخلصت في حبي لمن كان غدار !
ياليت ماعمت ياغدار في ماء بحرك
خليتني عايش على الأوهام في قيد أسرك
لكن قلبك رجمبي وكنت انا بك بخيل
قد كنت زادي وشربي وكنت ظلي الظليل ..
قناة السعيدة تلبس الحمير بردعة النشاط الحقوقي .. مهمة عسكرية قبل التوقيع تحصد الأرواح وتصادر الممتلكات وتخفي الأدلة والملفات وتلحق الجرحى بالأموات ومهمة استخباراتية أثناء التوقيع وبعد التوقيع , ترتدي الأعلام .. تكتب مشروع شهيد .. تستخفي وراء الشباب ! من قال أن مسجد الضرار صناعة قديمة ؟! ( الذين يتربصون بكم ! فإن كان لكم فتح من الله قالوا : ألم نكن معكم ؟! وإن كان للكافرين نصيب قالوا : ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ؟! ..) الآية - النساء

جوقة :
اللقاء المشترك يشرب من دماء الشهداء .. اللقاء المشترك صاحب مصلحة .. اللقاء المشترك يعتلي الموجة .. اللقاء المشترك يغرد خارج السرب!حكاية الأذناب تقصرُ وتطول ! وهي في كلا الأمرين واقعٌ نعيشه ولا بد منه ! لا توجد في نظري حكومة مخلصة , لكن توجد إرادة مخلصة .. توجد رقابة مخلصة .. كنتُ قبل فترة في تعز .. توجهت موجة من الشباب المسلح في ليلة من ليالي الحالمة المقمرة صوب المنصة , آخذين المايك عنوة : الشعب يريد علي عبد الله صالح .. اللقاء المشترك عليه أن يرحل ! ثم تغادر بعد لحظات وسط ذهول قاتل ! والقمر تضحك قطعٌ منه على سفوح الجبال وعلى سقوف المنازل وبلاط الساحة ! في خيمة من الخيام يخبرني نجيب من النجباء : أستاذي لا تخف ! كل شيء في رصيد الثورة محسوب , وفي دواوين الثوار مكتوب ! الأسماء الغريبة التي تركب القنوات الرسمية ليست قليلة ! فالأسواق لم تخلُ يوما من السماسرة والدلّالين والنخاسين! أين سيذهب هؤلاء لو كان على السوق مثل القاضي شريح في الذكاء والفطنة ,وكالأحنف بين قيس في الحكمة وطول البال ؟! إنهم يعيشون بيننا كالذباب ! هل تستطيع أمريكا القضاء على الذباب ؟! الجنة التي يحلم بها الشرفاء , إثر توقيع المبادرة, وترخيص المغادرة , هي جنة من جنان الأرض , مهما كانت أسوارها المقامة من العدل ,وسماؤها المخلوقة من أقمار الحرية , وأنهارها الموصولة من جبال الرخاء , وأبوابها المنحوتة من أفكار المدنية ! فلن تخلو من ذباب .. الذباب المتطاير عن رحيل الطاغية المأفون واقع لا محالة !

(2)
كانت أول ثورة وأول صرخة في وجه علي صالح 6 فبراير 2003م يوم تآلف الأشقاء من كافة الأحزاب الوطنية .. فأعلنوا عن مارد اللقاء المشترك ! إن الضربات الموجعة قاتلة .. لم يكن يقوى رأس طاغية في الدنيا على تحمل ضربة موحدة قوية .. إلا إن كان هذا الرأس يحمل في الحقيقة عدة وجوه ! لذا لم يكن سقوط الطاغية صالح سهلا! دبرت السلطة حادثة اغتيال الشهيد المناضل جار الله عمر 28ديسمبر 2003م تعبيرا عن حجم القلق الذي كان يكتنف الرئيس آنذاك ! لم تكن هذه الحادثة الأولى لشق الصف , وتفريق الكلمة !
كان خروج الجبهة الوطنية عن الحزب الاشتراكي يونيو 1991م المباشرة الرسمية الأولى لقلب الطاولة !
جاءت نقابة المهن التعليمية مكايدة لنقابة المعلمين , ولوأد تطلعات المدرسين ! انفتل الحبل , وانفلّ الحديد ! ما على المدرس إذا بُحَّ صوته وضاع حقه ؟!! فريق يباشر التدريس مع نقابة المهن التعليمية وفريق يضرب عن التدريس مع نقابة المعلمين ! يدخل المدير بكشف الغياب على مدير المركز التعليمي .. يترك كل شيء .. أمين الصندوق يأكل راتب المدرس الذي يمارس حقه في الرفض بحجتين ! لأنه عضو في نقابة المعلمين ولأنه قال للظلم : لا !

(3)
أيها العلماء من علماء اليمن .. يمن الإيمان ويمن الحكمة .. ها أنا بين يديكم , خرج الشعب اليمني إلى الشارع .. انقسمت اليمن مابين السبعين والستين ! والله يقول : (ولو ردوه إلى أولي الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم .. ) ضجت القاعة بالتصفيق كأننا في حفلة لأم كلثوم رحمها الله ! انفض الاجتماع عن أخذ ورد وتشاور في الأمر .. جاء الممثل عن الجلسة بالبيان الحاسم إلى الرئيس .. بصق الرئيس بالبيان مع القات إلى الزبالة .. شكل حرسا خاصا من العلماء على نحو ما فعل القذافي ! علماء بلا سراويل ! هؤلاء يقولون بالجواز وأولئك يقولون بالكراهة ! هؤلاء يقولون :بالوجوب وأولئك يقولون : بالتحريم !
يضعُ الدينُ يديه على رأسه !
أين سيذهب الأذناب ؟ أرباب الصحافة والإعلام الرسمي , ولاة الحاكم وبطانته وزبانيته ومؤسساته وبلاطجته , الذين يجمـّلون قبحه , وينمـّقون قوله , ويؤيدون بطشه !! مرة يطلعون عليك في جبة القاضي , ومرة يطلون في رداء الجيش , ومرة يظهرون في كرفتة الدكتور, ومرة ينزلون في هراوة البلطجي , ومرة يمشون في طربوش الطباخ , ومرة يترنحون في ملاءة عاهرة ! وهم أول من تنزل بساحتهم البلايا ! وما أدري! أهي قوانين السماء تنتقم لنفسها من هؤلاء الأذناب ؟! أم أنها سنن العدل تنتصف لذاتها ؟!
فهل ياترى كل شيء في عقل الثورة محسوب , وفي دواوين الثوار مكتوب ؟!

(4)
الخلاصة
الثور فر من حظيرة البقر
الثور فر
فثارت العجول في الحظيرة
تبكي فرار قائد المسيرة
وشكلت على الأثر
حكومة ومؤتمر
فقائل قال : قضاء وقدر
وقائل : لقد كفر
وقائل : إلى سقر
وبعضهم قال : امنحوه فرصة أخيرة
لعله يعود للحظيرة
وفي ختام المؤتمر
تقاسموا مربطه , وجمدوا شعيره
وبعد عام وقعت حادثة مثيرة
لم يرجع الثور ولكن
ذهبت وراءه الحظيرة

الخميس/ 24 نوفمبر 2011م
السعودية