الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢١ صباحاً

من نكبة فلسطين.. إلى نكبات بالجملة

عبدالحلیم سیف
الأحد ، ١٥ مايو ٢٠١٦ الساعة ١٠:٠٥ مساءً
بين 15 مايو-أيار 1948 و 15 مايو-ايار 2016 ..تقف (68 ) عاماً شاخصة صارخة لتذكرنا بنكبة فلسطين الكبرى ؛ ففي مثل هذا اليوم الأسود من عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين ؛ نجح أركان الدول الإستعمارية في الأمم المتحدة ؛ وبتواطوء الملوك العرب عامذاك ؛ في زرع الكيان الإسرائيلي والصهيوني في قلب الأمة..؛ فقام الغرب بقيادة أمريكا وبريطانيا بنقل الألاف من اليهود العرب أوروبا الشرقية إلى فلسطين ؛ وشحنهم بالبواخر كما تنقل المواشي ..وأصبحوا في غمضة عين ؛ هم أصحاب الأرض ؛ على حساب الألاف من الفلسطينين ؛ الذين باتوا تحت الحراب والمجازر الوحشية ؛ مشردين من ديارهم ؛ ليستقروا في دول المنافي والشتات كلاجئين.

..68 سنة مضت من عمر نكبة واغتصاب فلسطين ؛ والعرب من هزيمة إلى اخرى ومن كارثة إلى ثالثة ..ورابعة ؛ بعد ان كانت فلسطين القضية المركزية للعرب ؛ نجدها وقد تراجعت لتحتل مؤخرة سلم إهتمامات الأنظمة ؛ وقمم أصحاب الجلالة والسمو والفخامة ؛ فلم يعد منذ ربع قرن من يتحدث عنها ..أو حتى من "باب المزايدة" على الأقل ؛ يذكر الجمعية العامة للأمم المتحدة ووكالاتها ووعلى رأسها مجلس أمنها الموقر ؛ بقرارات ما يسمى زوراً " الشرعية الدولية" ؛ والتي تجاوزت (165) قراراً ؛ لم نسمع حاكماً عربياً يطالب المنظمة الدولية بتنفيذ نصف القرار (194) ؛ الذي يتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم وتعويضهم.
68 عاماً مرت من عمر النكبة ؛ فلا شيء تحقق ..فقط توسع استيطاني.. مستعمرات ..تهويد ..ترحيل ..تجريف..اعتقالات إنقسام بين الضفة وعزة واحتراب بين اخوة الكفاح والمصير ..يضاف إلى ذلك تهجير فلسطيني القدس وقمع واضطهاد فلسطيني ما وراء الخط الأخضر "عرب سكان 48".

وهكذا ضاعت قضية الأمة المركزية "فلسطين" ..طبعاً ليس بقوة الكيان الصهيوني المصطنع ؛ انه بضعف العرب وتمزقهم واهتزاز صفوفهم ؛ وتامر حكامهم على شعوبهم ؛ وتبعيتهم للغرب. أما اتفاق اسلو وما تلاها من تفاهمات؛ بدءاً "بواي بلانتيشن" مروراً " بشرم الشيخ " وحتى "كامب دفيد" ؛ لم ولن يتحقق منها بندا واحداً على الأرض .
اليوم وحدهم أبناء الضفة الغربية المحتلة ؛ وقطاع غزة المحاصر ؛ أحيوا ذكرى النكبة..ورفعوا مفاتيح مجسمة في إشارة لحق العودة وتذكير اشقائهم العرب وشعوب العالم أن قضيتهم لن تنتهي بعد مهما طال ليل الإحتلال البغيض .

اليوم تحل ذكرى النكبة الفلسطينبة؛ وسط نكبات
ولاجئين عرب بالجملة.
نكبة السودان .
نكبة لبنان .
نكبة الصومال .
نكبة العراق.
نكبة سورية.
نكبة ليبيا.
نكبة اليمن.
ونكبات أخرى مرشحة للأنظمام إلى هذه القائمة.

والمصيبة ان هذه النكبات سببها أمراء النفط ؛ الذين غدوا يوظفون ثروات شعوبهم لاقتناء الأسلحة الآمريكية، والروسية، والفرنسية، والبريطانية ،والصينية، والكورية، ..وحتى الاسرئيلية ؛ ليس لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى من دنس الاحتلال الصيهوني ؛ وإنما لإشعال الحرائق في طول وعرض وأطراف ورأس عزيزنا الغالي والطيب والكبير "الوطن العربي"؛ وتمزيق أوصاله ؛ ضنا من أولئك الأثرياء والحكام الجدد؛ أنهم يحمون عروشهم ؛ دونما إدراك ان أحدهم
لن ينجو من المخطط الغربي بقيادة أم المصائب والكوارث أمريكا الرسمية..وهذه المرة بتفجير " حروب الفتنة" بين "سنة" و"شيعة".. و"مسلمين" ومسيحين "..بهدف العودة إلى عصر "دويلات الطوائف" .
فالمخطط المعلن؛ هدفه قيام دولة طائفية أو عرقية ؛ في إحدى البلدان العربية المشتعلة حالياً..تمهيداً لتحقيق حلم "هرتزل الصهيوني"؛ بتاسيس دولة يهودية خالصة ؛ مقابل دولة فلسطينية في نهر الأردن.

ان الخلل الأكبر ..ليس في الغرب الرسمي ..بيد أنه يكمن فينا ..أقصد في أنظمة عربية وإسلامية مستبدة ؛ وجماعات متطرفة ووحشية تحت مسميات متنوعة ؛ تستخدم "المقدس" طمعاً في السلطة ؛ امست وأصبحت جسراً دموياً ؛ وأدوات تدمير وفناء ؛ لتنفيذ مشروع التقسيم الجديد للمنطقة ؛ الذي يعد اشد خطراً من اتفاق " سيكس -بيكو" في عامه المائة.
وفي هذا الإطار ؛ ينطبق على واقعنا العربي الدموي.. ما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه :
" نعيبوا زمامننا والعيب فينا..وما لزماننا عيب سوانا .
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب..ولو نطق الزمان لنا هجانا.
وليس الذئب يأكل لحم ذئب..ويأكل بعضنا بعضاً عيانا.."
بعد هذا كله..

الجدل يدور بصوت عال ونبرة ساخنة في غير عاصمه عربية..لابأس ..الا ان سؤال التحدي هو.. ماذا نحن فاعلوووون؟!

*عبدالحليم سيف