الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٠ مساءً

هل نحن مع الوحدة؟

يسري الأثوري
السبت ، ٢١ مايو ٢٠١٦ الساعة ٠٩:٤١ مساءً
الوحدة قيمة كبيرة جداً لا يمكن أن يختلف عليها اثنان أو يتناطح عليها كبشان لكن وحدتنا اليمنية أقل ما يمكن أن نقول عنها أنها فشلت ليس لأن الوحدة خيار غير صحيح ولكن لأن من قاموا بها ليسوا سوى ديكتاتورين فشلة اتخذوا قراراً غير مدروس لم يغلب مصالح الشعب.

ان اكبر الأمثلة على أن الوحدة كانت عشوائية هو وحدة النظام الإقتصادي حيث دمج نظام اشتراكي كل شي فيه ملك الدولة مع نظام شبه رأسمالي يعتمد على ملكية الفرد ولم يتم حماية ابناء الجنوب بقانون اقتصادي يضمن توزيع عادل للثروة ونمو ثروة للمواطن الجنوبي الذي كان يعتمد على الدولة في كل شيء، او إقرار أي معالجات للوضع الإقتصادي حيث وجد المواطن الجنوبي نفسه ينافس في سوق العمل المواطن الشمالي المتمرس بعقود من الخبرة في التجارة والعمل ولديه رأس المال ومهارات تؤهله ليس للحصول على عمل جيد وإنما لإكتساح سوق العمل وهذا ملاحظ حيث أن سوق العمل في الجنوب يسيطر عليه أبناء الشمال بدرجة أساسية.

اما ذكرى الوحدة هذه فتأتي في ظرف غير عادي بعد حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس وتأتي في ظرف عصيب ليست اليمن فيه مهددة بالإنفصال كما يظن البعض وإنما مهددة بالإنهيار الإقتصادي التام، والإنزلاق إلى الفوضى الشاملة والتفتت ليس إلى دول وإنما إلى تجمعات متقاتلة، وسيعمل الإنهيار الإقتصادي الذي لن يستثني أحد في الشمال والجنوب على ترسيخ الفوضى.

ان افضل خيار الآن ربما يكون في إستعادة الدولة ثم الإنخراط في تحديد مصير الجنوب سواءً بوحدة من شكل آخر، او بإنفصال كلي مرتب يضمن ترسيم الحدود، وتقاسم الدين العام للدولة، وتنظيم الجنسية، وحقوق مواطني الدولتين، وطريقة استغلال المشاريع المشتركة مثل مشروع تصدير الغاز المسال من مأرب عبر شبوة وغير ذلك، وبشكل يضمن عدم تصارع الدولتين مستقبلاً أو الدخول في أي خلاف او وجود، بل ويضمن عدم دخول اي من الدولتين في صراع داخلي كما حدث في جنوب السودان.

الوحدة بحد ذاتها لم تكن لتفشل لولا التصرفات الهمجية من مختلف الأطراف السياسية، وأنه لمن المفارقات أن نرى أن من يصر على الوحدة ويتمسك بها وهو الحزب الإشتراكي وقياداته ومعظم ابناء الجنوب باتوا اليوم يطالبون بالإنفصال، ومن كان يرفض الوحدة من الإسلاميين وعلى رأسهم حزب الإصلاح بات اليوم متمسك بها، ومن كان يطالب في عام 90 بالفيدرالية وهو المؤتمر الشعبي العام وعلى رأسه علي عبدالله صالح شن اليوم حرباً بهدف إفشال مشروع الفيدرالية واليمن الإتحادي الذي كان أهم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

اليمن بحاجة إلى حوار جاد ومسؤول ومعالجات ملموسة تحدد مصيره المستقبلي، بما يضمن أن يسود الإستقرار والسلام الذي فشل الوحدويون في تحقيقه بعد مرور 26 عاماً، ويجب ان ندرك أن المراجعة خيراً من المكابرة وان الإنفصال المستقر خير من الوحدة المتوترة على الأقل بالنسبة لنا كشماليين لم نجني من الوحدة شئياً.