السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٤ صباحاً

"المقص السعودي" .. سيمنع انتقال العدوى من اليمن

نُهى البدوي
السبت ، ٠٤ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠٢:٤٥ صباحاً
اهتم مغردون في السعودية بهاشتاغ #نسيان_مقص_ببطن_مريض_بحايل الذي ظهر في نحو 14 ألف تغريدة على تويتر، بعد انتشار أنباء أفادت بأن طبيباً في مستشفى الملك خالد بمدينة حائل السعودية نسي مقصاً في بطن مريض بعد إجرائه عملية جراحية له؛ إندهشت كثيراً وانا أقرا الخبر لأني وجدت في هذا التفاعل الكبير وغضب المغردون وإتهامهم الطبيب والفريق الذي ساعده في إجراء العملية "بالاستهتار بحياة البشر" ما يستوقفني ويشدني بجاذبية للتفاعل مع اهتمام المواطنين في المملكة العربية السعودية بالأخطاء المهنية الطبية القاتلة التي ترتكب في بلدهم، وهي نادراً ما نسمع عن حدوثها في بلدهم الذي قطع شوطاً متقدماً في تطوير المجال الصحي، وبلغ مستوى عالي للرقابة على مهنة التطبيب، عكس ما هو قائم في بلدنا اليمن الذي أصبح فيه مثل هذا الخطاء بالاعتيادي في نظر الجهات المسؤولة والمجتمع، وإرتكاب ماهو أفظع منها، جلست أعيد قراءة الخبر واتسأل مع نفسي: هل انتقل عدوى الإهمال الطبي أيضاً من اليمن الى البلدان المجاورة؟!

قد يستوقف الكثير منا هذا الإهتمام الرسمي والتفاعل المجتمعي الذي اشعل وسائل التواصل الاجتماعي بما حدث ، والتفاعل معه من باب التسلية، لكنني أرى أنه ليس حدثاً عابراً كما سينظر البعض اليه، فالتدقيق فيما أثارته الواقعة من ردة فعل ستجد أنها ستعود بالفائدة على المجتمع، وعلى مهنة الطب كأحد الوسال الضاغطة لحمايتهما من أخطاءات "وحوش" المهنة، ولمنع تكرارها، فالإهتمام المجتمعي هو في حقيقة الأمر قضاء، لكن من نوع آخر،حين يخضع غضب الناس الطبيب والمنشاة الطبية للعقوبة المجتمعية بما يشارك به لإصلاح الوضع، ويعزز دور الجهات المسؤولة للحد من تكرارها، وعدم التساهل مع مثل هكذا أخطاء تفتك بحياة الناس.

أما إذا قارنا هذا مع ما يحصل في اليمن، فإن كثير من الحالات سنجدها داماً تتكرر: مرضى دخلوا المستشفيات سيراً على الأقدام وخرجوا منها في ظرف ساعات موتى، وآخرين يتم إحالتهم إلى العناية المركزة بعد تلقيهم الدواء بساعات، وكذلك مرضى ذهبوا لمعاينة الآلام في الظهر فخرجوا من المستشفيات فاقدي التحكم بالأعصاب ومشلولي الأجساد، وآخرين بترت اقدامهم لسبب أنهم كانوا في أسرة بجانب أسرة لمرضى تقرر بتر اقدامهم، ولم يكتشف الخطاء إلا بعد خروجهم من غرف العمليات الجراحية! وآخرين تسبب نسيان الأطباء لـقطع "الشاش " في بطونهم أثناء العمليات الجراحية لفترات طويلة في تلف أعضائهم "كالكلى" والخ ، وتحول آخرون بسبب ضعف وأخطاء التشخيص الطبي إلى صيدليات ومخازن للأدوية وورش لمعدات الجراحة بسبب الإهمال واللامبالاة أثناء أجراء لهم عمليات جراحية بسيطة، فهذه الإخطاءات الطبية في بلدنا لا تلقى أي اهتماماً يذكر من قبل الجهات الرسمية والرقابة المجتمعية، رغم أستمرار وانتشار إرتكابها في المستشفيات الحكومية والخاصة ،لأننا نحن اليمنيون من نتسترعلى المخطئ ونتحاشى الحديث عنه أو انتقاده، وبالتالي تتحول الأخطاء إلى تصرف اعتيادي، ويزيد صمت الجهات الرسمية (وزارة الصحة ) ترسيخة في تعاملاتنا اليومية، لعدم إتخاذها الإجراءات الرادعة وتفعيل القانون الذي يعاقب على إرتكابها، ودائماً ما يفضل أهل الضحية، وذوي الاهتمام، بمن فيهم بعض الإعلاميين عدم طرق هذه الأبواب، والتعامل معها كفضائح والتحجج بأنها تستدعى الستر، والإكتفاء بترديد العبارة اليمنية المشهورة "أبتسم انت في اليمن!" كتفضيل للصمت عن النقد.

الاهتمام الرسمي الذي أبدته الجهات المسؤولة في السعودية والمتابعة المباشرة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل الذي وجه بمتابعة حادثة "نسيان مقص في بطن مريض" في مستشفى الملك خالد بحائل ، وقد فتح تحقيق في الواقعة ويتم متابعة الحالة الصحية للمريض، إلى جانب التفاعل المجتمعي الذي أظهر اهتمام المواطنيين من خلال الآلآف من المغردين والمتفاعلين مع الخبر على مواقع التواصل الأجتماعي، كان له دور إيجابي في التعامل السليم مع هذه القضية بل أن هذا الدور يمكن وصفة بـ " المقص المجتمعي" لكسر صمت المجتمع وتشجيعه لنقد مثل هكذا أخطاء، ليس للتشهير بمرتكبيها أو ضحاياها ، وإنما للتصحيح والحّد من حدوثها وانتشارها، وحتى لا يتكرر في بلدهم ما يحدث في بلدان كثيرة ومنها اليمن الذي انتشرت فيه أخطاء الأطباء المهنية، بسبب الصمت الرسمي والمجتمعي وعدم وجود رقابة رسمية أو مجتمعية تشجع المواطنين ممارسة فضح، ونقد خروقات وعبث بعض الممتهنين لمهنة الطب، وهم غير مؤهلين ، ولمنع من حالة الإهمال المهني الذي نرى ممارسته في المستشفيات والعيادات الطبية اليمنية مع المرضى، أصبح وكأنه شيء طبيعي دون خوف من الجهات المسؤولة أو احترام ومراعاة أخلاق وشرف المهنة، والعمل بالأمانة والرأفة وبما تلزمنا تعاليم ديننا الاسلامي التعامل به، والإقلاع عن ممارسة الغش، والإتجار بأرواح الناس، وتحويل بطون المرضى إلى ورش وصيدليات للأدوية المهربة، والممنوعة كما هو حاصل في مختلف المحافظات اليمنية.

كان تعامل أشقائنا السعوديين، جهات مسؤولة، ومجتمع في مستوى عالي من الوعي، وكل ما أُتخذ هو خطوة بالإتجاه السليم لتصحيح الوضع ، ولردع المتهاونين والمهملين في ممارسة مهنتهم، وإستخفافهم بحياة المرضى قبل فوات الآوان ، وقطع الطريق عليهم كي لا يلحقوا بزملائهم في اليمن الذين يصفون هذه الأخطاء بأنها طبيعية ، لهذا أقول : أن التعامل المسئول من القيادة والمجتمع السعودي مع قضية "نسيان المقص في بطن المريض" سيمنع انتقال عدوى الإهمال من اليمن إلى بلدهم ، وعلى الجهات المسؤولة في اليمن النظر إلى ما اتخذته الجهات الرسمية السعودية في هذه القضية والسير في نفس الطريق، لاحترام المريض اليمني وحمايته من وحوش الطب والمستشفيات ومجازرهم، وبالمثل على أخواننا اليمنيين المفسبكين والمنشغلين بالسب والشتائم في مواقع التواصل الإجتماعي الاستفادة من ما أبداه أشقائنا السعوديين في تعاملهم مع التعامل مع واقعة نسيان المقص في بطن المريض.