الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٢٥ صباحاً

هل يبحث صالح عن ضمانات أو قبر في تعز؟

حميد مقبل نصر
الاثنين ، ٠٥ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
زاد استغرابي وأنا أقرأ خبر يطلب فيه المخلوع مبارك من زوجته سوزان أن تجهز قبره من مال معين يملكه. مبارك يستعد للموت وأن تكون نفقات تجهيز القبر من أموال معينه يعتقد أنها حلالا وليست مسروقة أو منهوبة، وكأن مبارك يريد قبر حلال يدفن فيه بعد موته بحيث لا يقلقه أحدا من البشر أو ينازعه أو يطلب رحيله من القبر بعد دفنه. والمتأمل بعمق لهذا الخبر يجد أن مبارك لم ليكن يفكر في الموت أو يخطر بباله وهو على كرسي الحكم.

وما يثير الدهشة والاستغراب معا إصرار صالح وعائلته على قتل أبناء تعز وتدمير منازلهم وممتلكاتهم بعد تخلي صالح عن الحكم. لقد سكتت أصوات المدافع والصواريخ والبنادق في مناطق اليمن إلى حد كبير بعد توقيع صالح على المبادرة الخليجية إلا أنها لم تسكت في تعز. حرب ضروس على تعز تفوح منها روائح كريهة كثيرة، أقذرها الحقد الطائفي والمناطقي الدفين الذي يقوده صالح ومن معه منذ توليه الحكم وحتى اليوم، وبهذا ينفذ صالح الترجمة الحرفية لعبارة" أبناء اليمن السافل" أو "البراغلة" بهكذا ثقافة منحرفة وجاهلية يتم ترتيب درجات المواطنة في اليمن وتولي زمام الحكم والجيش والأمن. ولهذا لم يكن غريبا أن تكون تعز الحالمة مهدا للثورة السلمية المطالبة بالدولة المدنية والمواطنة المتساوية. لن تسقط تعز من قبل صالح أو غيره، لأنها أقسمت أن تكون رمزا فريدا في التضحية والصمود حتى تحقق الثورة السلمية أهدافها.

لم يفت صالح وهو يخطب عقب توقيعه على المبادرة الخليجية في الرياض بتاريخ 23نوفمبر 2011م الإشارة إلى حسن النوايا، لم تنطلي هذه الكلمة على معظم أبناء الشعب اليمني الذي بات يعرف على وجه الدقة سلوك ومقاصد وكذب وتظليل الرئيس الفخ.. ري، والشر...في. تأكد لهم أنه يبيت سوء النية ويعد للانتقام .

تعز تقصف بكل أنواع الأسلحة تأكيدا لمعنى العنصرية الذي يجسده صالح وينفذه جيشه العائلي بقيادة إتباعه قيران وضبعان والعوبلي ومجموعة عبيد صالح من أبناء تعز. عبثا وظلما الحديث والمقارنة بين مسلحين أشخاص هبوا لحماية شباب الثورة السلمية في تعز عقب محرقة ومجزرة السفاح صالح لهم في 29 مايو 2011م وبين جيش اليمن. ويستمر العدوان والقصف الهمجي على تعز منذ ذلك الحين وحتى الآن.

لم يلتفت صالح إلى مبادرة الخليج وآليتها التنفيذية التي وقع عليها، والتي بموجبها أصبح خارج السلطة والحكم في اليمن. ومع ذلك لازال يدير آلة القتل والدمار ويستأجر القتلة والبلاطجة من أنحاء اليمن ويسحب من المدن والمحافظات الأخرى بواقي أفراد ومعدات الجيش العائلي ويوجهها إلى تعز. تدل الوقائع على الأرض أنه لازال يمارس مهامه كرئيس بكامل سلطاته المطلقة التي عرف بها خلال حكمه، يعفي عن القتلة واللصوص ويتهم المنافسين ويدين من قتل الشباب وسفك دمائهم بعد أن وقع على المبادرة بساعات، يرفض مرشحي المشترك في اللجنة العسكرية وينتقد ويسفه مرشح المشترك لقيادة الحكومة، توجيهاته وتعليماته مستمرة. لازال يمارس سلطة الرئيس بصورة مباشرة أو من خلال العائلة.
يعتقد صالح أنه بمنأى عن الجرائم والدمار الذي تتعرض له تعز وأهلها، وأنه لم يعق تشكيل اللجنة العسكرية التي من شأنها إدارة الجيش بقيادة الرئيس بالإنابة عبد ربه منصور. يعتقد أن المبادرة وفرت له وعائلته وللقتلة والفاسدين الضمان والحماية بلاحدود. لم يتغير شيء على أرض الواقع بعد توقيع المبادرة، فالنائب لم يستطع ممارسة مهامه كرئيس بالإنابة، لم يصدر منه إي مرسوم أو قرار بعد عودة صالح من الرياض.. مما يعني أن صالح غاضب بشده من نائبه هادي لأنه تجرأ وأصدر مرسوما يدعو لانتخابات رئاسية مبكرة في 21 فبراير 2012م، ودعوته لقيادة المشترك تسمية مرشحها لرياسة حكومة الوفاق الوطني.

القصف العنيف على تعز مستمر رغم توجيهات الرئيس بالإنابة بوقف القصف وسحب الأسلحة الثقيلة لجيش العائلة وإزالة المظاهر المسلحة من المدينة. ويبدو أن صالح والعائلة رفضوا توجيهات عبد ربه منصور الذي أصبح مثارا للسخرية والتندر جنبا إلى جنب مع العاهل السعودي الذي شهد مسرحية التوقيع ومن تعهد بمتابعة تنفيذ المبادرة وآليتها عن كثب خطوة بخطوة وفي مقدمتهم أمريكا وأوربا ومجلس الأمن.

تتزايد شكوك اليمنيين حول جدية مجلس الأمن في استكمال التسوية السلمية ونقل السلطة وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. لقد خرق صالح المبادرة حين قتل المتظاهرين سلميا في صنعاء بعد التوقيع بساعات، وحين رفض تشكيل اللجنة العسكرية، وإصراره على الاستمرار في قصف وتدمير تعز بكل أنواع الأسلحة وسفك دماء أطفالها ونسائها وهدم المنازل على ساكنيها، وزيادة حدة التوتر في صنعاء وغيرها.

غاب جمال بن عمر عن المشهد اليمني، ومجلس الأمن دخل في سبات عميق بخصوص تنفيذ التزاماته وفقا لما تضمنه قراره 2014 الخاص باليمن. أما الرئيس المخلوع صالح فيبدو مشغولا جدا بتدمير تعز وإبادة أهلها، صالح لا يبحث عن ضمانات ولا عن قبر في تعز، إنه يريدها أن تحمله من جديد إلى كرسي الحكم ولو على قذيفة مدفعية.