الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٠ صباحاً

كلمة في وداع الشهيد محمد قاسم مرشد

طارق السكري
الاربعاء ، ٠٧ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
قهر الله الغربة .. تعز مدينة منكوبة .. الأطفال في الشوارع والناس في المساجد والنساء في البيوت ما بين جريح وقتيل .. يتساقط في كل يوم حلم جميل وأمل وديع يتساقط في كل يوم إنسان مني .. حسبك ماتلقيه هذه الكلمة المفزعة من ظلال كئيبة ( منكوبة ) تعز مدينة منكوبة ! أيعرف التاريخ في زمن الفضاء الخارجي والاتصالات السريعة جريمة الإنسان في حق أخيه الإنسان ! قالوا : أن المخلاف تستعد لاستقبال دفعة جديدة من القصف المدوي ! ما قيمة أن يكتب الكاتب مالا يستطيع به أن يدفع عن أمه أو أبيه أو أخيه أو ولده صقعة الخوف وقرس الهلع؟! نحفز إخواننا وأبنائنا إلى التعليم..

فإذا التعليم ثقيل يقود الناس إلى الموت ! ماذنب التعليم إذا كان الراعي لا يعرف الناقة من البعير ؟! تقدم له باقة من ورد فيرديك زبانيته قتيلا يظنونها عبوة ناسفة !
أرقتُ لبرق ٍ بليلٍ أهل .. يضيء سناه بأعلى الجبل
أتاني حديث ٌ فكذبتهُ .. بأمرٍ تزعزعُ منهُ القُلل !

لن أعدد محاسنك أستاذ محمد قاسم مرشد حتى لا أكون في حكم النائح ! ولكنها عاطفة المحبة لا تجد بدا من تذراف الدمع وتشجان الأحاديث .. أذكر لك ليلة من ليالي الشتاء القارس يوم ناديت عليّ عقب صلاة المغرب بصوتك الخلوق : ياطارق ! فتبادرك أمي : تفضل .. حياك الله يا أستاذ محمد! فتغض حياء : شكر الله لك ! عندنا درس في المسجد ! كيف حالك ؟ أي خدمة لك ؟! لماذا كان يقع اختيارك عليّ في كل مرة ؟! ماذا لمحت في قلب مكلوم وخاطر مكسور في قرية تعج لياليها بظلام دامس من ليالي الحرمان ! رحمك الله من شهيد ! وما بي أنك طرت شهيدا إلى جوار خير من جوار ولكن بي من الحسرة والألم أنهم فرضوا عليك حصارا غاشما في بيت من بيوت الله .. تاركينك تنزف حتى الموت ! لا ماء ولا طعام ! ترى كيف وجدت طعم الموت الكريه؟! لقد كنت والمساجد على موعد عجيب !ومايستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج .. وأي ماء أعذب وأبرد وأهنأ وأمرى مما كنت عليه وسعيت إليه والتزمت به وعولت عليه ؟! يعمد الإنسان إلى ماقدم من عمل .. يجعله الله في كوز.. فهذا يشرب من كوثر وذاك يشرب من رجس ! رحمك الله من شهيد !

رأيتك ملقىً على صفحة الكاتب المتألق سلمان الحميدي .. شلت يميني إن كنت قد عرفتك ! لا ما أخطأتك العين ولا أنكرك الفؤاد ولكن شيئا ما تغير فيك .. أيضرب الهواء في جسم طريح قد أسلم لله ماجمع وأودعه ما رجي .. فإذا العين غير العين واللون غير اللون والوجه غير الوجه واليد غير اليد ! رحماك رب السموات ! ما كنت أظن هواء غير هواء الجنة يصيب الشهيد ! لكنها عطسة محموم مسعور نفخت بها رئة الطاغية فالتاث جو تعز واكفهر وجهها الفتان ! فإذا الهواء غير الهواء !

لمثل هذا يذوب القلب من كمد ٍ .. إن كان في القلب إيمانٌ وإسلامُ

سلام عليك أستاذ محمد .. لقد كنت قدرا من أقدار الدعوة في المخلاف .. فتح الله بك القلوب وعمر بك الأسمار في رمضان وأسكت بك أصوات الطواغيت بابتسامة وادعة ونظرة هادئة !
سلام على القبر الذي ضم أعظما .. تحوم المعالي حوله فتسلمُ
صوتك بالحق محفوظ .. طبيعتك السمحة منقوشة على جدران الذكرى .. كلماتك الندية تعويذة نصرع بها رأس الطغيان .. دروسك عن صفات المؤمنين في سورة الشورى والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون مازالت تحفر في طريق الفجر ..
أجل أيها الناعي إلى الخير إننا .. على العهد مادمنا فنم أنت هانيا

بناؤك محفوظ ٌ وطيفك ماثل ٌ .. وصوتك مسموعٌ .. وإن كنت نائيا