الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥٦ مساءً

في ضيافة عزرائيل

فاروق يوسف
الاربعاء ، ٣١ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ١٢:٠٣ مساءً
زيارة وفد الحوثيين إلى إيران ومواليها هي فعل رمزي لا يُراد منه إلا الاستعراض. فلا لبنان ولا العراق ولا إيران نفسها ستعترف بالكيان السياسي الذي بدأ الحوثيون يخططون له بديلا للحكومة الشرعية.

فالجميع يعرف أن المساحة التي يتحرك فيها المتمردون الحوثيون ضيقة. وقد تضيق تلك المساحة مع زيادة الأخطاء التي يرتكبونها على مستوى الحوار السياسي مع الأطراف المعنية الأزمة بشكل مباشر، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

في حالة من هذا النوع فإن الذهاب إلى إيران هو خيار انتحاري. بالمعنى الذي يجعل منه نوعا من غلق الأبواب التي كانت إلى وقت قريب مواربة.

فإيران ليست طرفا معنيا بالأزمة اليمنية ولن تكون كذلك في أي وقت. ما نجحت إيران فيه في سوريا لن يكون متاحا لها في اليمن.

ولكن الحوثيين وهم مجرد ميليشيا مسلحة خارجة على القانون سمحت لها الظروف التاريخية التي مرت بها اليمن بعد خلع علي عبدالله صالح من استضعاف الدولة لا يملكون سوى خيار الهروب إلى الأمام، بعد أن نسفوا الجسور التي تعيدهم إلى منطقة الوفاق الوطني.

لقد أبدت الأطراف الأخرى ومنها الأمم المتحدة قدرا هائلا من التسامح معهم، هم في الحقيقة لا يستحقونه، غير انهم رفضوا كل أنواع التسويات السياسية التي كان في إمكانها أن تعفيهم من جرائمهم، بل وتشركهم في الحكم.

ما يستحقونه فعلا هو لقاؤهم التاريخي بأبي عزرائيل في بغداد.

قد يشكل ذلك اللقاء نوعا من الفضيحة بالنسبة لذوي العقول السوية.

ولكنه بالنسبة للقتلة والافاقين وقطاع الطرق استحقاق يليق بهم.

فأبو عزرائيل هذا هو واحد من رموز العراق الجديد، حيث الفتنة الطائفية تتطلب اختراع رموز لما يمكن أن تنتجه من انحطاط إنساني، يضع كل القيم الأخلاقية على الرف ليمارس دوره في تدمير مكتسبات العقل البشري.

لقد تم استخراج ذلك المعتوه من العفن الطائفي الشيعي ليكون بمثابة صورة للوحش الشيعي الذي يقاتل الوحش السني، تماهيا مع الخرافة التي تنسب تنظيم داعش الإرهابي إلى السنة.

كما في رسوم الأطفال المتحركة فإن صراع الجبابرة لا ينطوي على أي نوع من الرحمة ليكون فعل القتل في النهاية ممارسة لتدمير الآخر، من غير أية موانع أخلاقية.

أبو عزرائيل هو حالة مرضية انتجها واقع، انهارت فيه الأخلاق وانعدمت فيه القيم الإنسانية في العراق. وهو ما ينسجم تماما مع المزاج الحوثي، وهو مزاج مريض بانفصاله عن الواقع اليمني (العربي أيضا).

الصورة التي تم تداولها عن اللقاء تبدو مضحكة في تكوينها المتخلف، غير أنني على يقين من أن دلالاتها ستكون موجعة للشعب اليمني.

أهذا ما يعد الحوثيون به الشعب في المستقبل؟

ولكن لن يعثر الوفد الحوثي في بغداد أفضل من ابي عزرائيل ممثلا لطموحاتهم وطموحات اشباههم من أمراء الطوائف في العراق.

وقد لا يكون مستبعدا أن يطلب الحوثيون من إيران تصنيع نسخ من أبي عزرائيل لحملها معهم إلى اليمن. فشعب اليمن الذي اشتهر أفراده بحمل السلاح من غير أن يستعملوه لم يعرف في تاريخه ذلك النوع من السفاحين الذين يمزجون القوة العضلية بالعته الفكري.

من جهتها فإن بغداد فخورة في أن تقدم أعز ما لديها لضيوفها.

بدلا من انستاس ماري الكرملي وجواد علي وطه باقر وعفيفة إسكندر وجواد سليم وحسب الشيخ جعفر وفوزي رشيد والجواهري ونوري جعفر وعاتكة الخزرجي ومصطفى جواد والمخزومي وعلي جواد الطاهر يتقدم أبو عزرائيل ليكون ممثلا لبغداد.

إهانة كبيرة لبغداد سبقتها إهانة حلول رموز الحثالة الحوثية ضيوفا عليها.

ولكن الامر يخف حين نعرف أن لا شيء من بغداد الحقيقية كان في استقبال الحوثيين الذين لا يمتون بصلة لأصالة الشعب اليمني.

لقد استقبل مريدو الزيف الإيراني في العراق أشباههم من اليمنيين بأبي عزرائيل. وهو ما يليق بالطرفين.

أمام الصورة لن يتمنى العراقيون واليمنيون إلا شيئا واحدا. ان يأخذ عزرائيل الجميع في ضيافته.

ميدل ايست اونلاين