الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٢٠ مساءً

لا نريد لهذه الحرب ان تنتهي الآن..!

محمد المياحي
الاثنين ، ١٧ اكتوبر ٢٠١٦ الساعة ٠٤:٣٦ مساءً
الآن..

نريد من حربنا الطويلة سلام أبدي..
غرقنا في مآساتنا كثيراً ونريد النجاة، تلك النجاة الظافرة والعودة الشجاعة المحلمة بجثة الحرب اللعينة..
بعد هذا الشوط الكبير الذي قطعناه في صحراء من دم لا يمكننا التصالح مع الزوائد اللاوطنية السامة التي تنفث مواقد الحرب بين كل عام وآخر ..

نريد النجاة بقبضة من سلام لا يعرف لون الدم..
لا بد ان ترشح السموم كلها من جسد هذا البلد ، ثم نتفرغ لغرس الاشجار وسماع الاغاني والصلاة الى الله...

اظننا بحاجة شديدة لخطاب ثوري صاخب يعيد الينا زخم المقاومة المسلحة ويدفعنا نحو مزيد من الصلابة والعنفوان، ليس هذه بتشنجات دموية طائشة بل هي النار الرحيمة التي يجب ان نشعلها كي نحقق العدالة النهائية والاقلاع الابدي من بئر النزاع ..


مع تكاثر فظاعات الحرب بدأ بعض المثقفين ينحدرون بلغتهم نحو منطق رخو وقول غضروفي يدعو لوقف الحرب على ما هي عليه الآن، يقول البعض هذا ليثبت موقفه المنحاز لخيارات السلام، ناسيا ان بذور الحرب ما زالت متماسكة واحتمالية اشتعالها مستقبلا امراً مؤكدة ومحسوما للجميع..

لا تستهوينا الدماء ولسنا هواة حروب ولا نحب لون الدم؛ لكننا على يقين ان السلام المتخثر لا يضمن عيشاً حراً ولا مستقبل خالي من الصراع، لا بد من دفقة غضب جديد في لسان المقاوم، وهبة من ريح حارة نلهج بها لكسر عصابة السلاح و اجبارها على الخروج عاريةً وحافيةً من مدن الناس..

نفاد طاقة المثقف في منتصف الطريق، وارتماء الكلمة تحت جلود الجلادين، وتسؤل السلام بمنطق المهزومين، كل هذا ينبيء عن حصانة معرفية منخولة ورماد روحي كسول..

بعد ان خسرنا كل الذي كسبناه منذ الثورة الاولى _وهو بالمناسبة قليل _ كيف لنا ان نرمي البندقية قبل ان نستكمل ثقب الجدار السميك الذي بناه الاوغاد في دارنا وحال بيننا وبين اللحاق بركب الشعوب؟ كيف تكون مثقفاً حين تدعو لسلام نيء وهدنة رمادية، ثم ما تلبث النار تشب مجدداً وتحرق كل شيء مثل ما فعلت في دورتها الاولى واكثر..!

هل نسمي مطالبات السلام هذه نضوج معرفي وحس انساني نظيف وقراءة معقلنة لطبيعة الصراع التاريخي ام هو هوان جلي ونضوب مهين لحس الثورة ولسان الثائرين؟

نحن في لحظة تاريخية شتوية شديدة الظمأ لمنطق الشكيمة ولغة القتال الوجودي ، ولا اظن الفتور الان شجاعة الباحث عن سلام بقدر ما هو عطالة المحارب الذي لم تسعفه ذخيرته الروحية على الصمود ولا منحه عقله المشروخ تقدير ذكي لفجر اللحظات التي انتظرناها طويلاً وحين لم تات بعد، رمينا السلاح وعدنا بنصف سلام مخدوع وبكل الحرب المستقبلية المؤكدة...


لا نريد لهذه الحرب ان تنتهي الآن..

م. د