الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٢ صباحاً

استباحة مكة

مشاري الذايدي
الاثنين ، ٣١ اكتوبر ٢٠١٦ الساعة ١٢:٤٣ مساءً
ستغرب٬ إن لم نقل رفض٬ بعض الناس أن يكون الصاروخ الإيراني ­ ولا أقول الحوثي كان يستهدف مكة٬ حسب بيان التحالف العربي الإسلامي٬ وتصريح اللواء أحمد عسيري٬ الذي قال إن الصاروخ أطلق من مسجد بصعدة٬ عاصمة «الإمام» الحوثي.
غضب البعض من ذكر اسم مكة٬ ورأوا فيه محاولة سعودية لاستدرار العواطف الإسلامية٬ وزادوا في الطنبور نغمة بأن قالوا إن الصاروخ كان موجها لمطار جدة وليس لمكة!
مكة في اللغة الإدارية السعودية تعني المدينة المقدسة٬ حيث المسجد الحرام والمشاعر٬ وتعني «منطقة» مكة٬ وهي إطار أوسع٬ يشمل٬ بالإضافة لمدينة مكة٬ مدينتي جدة والطائف٬ وغيرهما.
أما مطار جدة٬ فهو "بوابة" مكة٬ يغص دوما بالمعتمرين والحجاج من داخل وخارج السعودية٬ فهل استهدافه "حلال" بالنسبة لمناصري
الحوثي وصالح!
بعيًدا عن هراء الحوثيين٬ وأنصارهم في المهاجر الغربية٬ من اليمنيين ومن «الفرنجة» فإن استهداف مكة٬ المنطقة والمدينة٬ تصعيد خطير٬ وهم يعلمون ذلك٬ لذا يريدون "تبديد" أي أثر سلبي معنوي يترتب على هذه الجريمة.
رأينا استنكارا إسلاميا واسعا للقصف "الإيراني" من خلال الأصابع الحوثية والصالحية في اليمن٬ لذلك ينشط الإعلام الإيراني٬ ومن يواليه في العراق ولبنان واليمن والغرب٬ لتضييع الموضوع.
على كل حال٬ ليست هذه أول مرة تقع فيها جرائم٬ باسم الدين٬ في الحرمين٬ من الخوارج٬ قديما وحديثا٬ أو من السياسيين أو الولاة كالحجاج بن يوسف الثقفي٬ ومن مدعي الحق الإلهي العلوي.
تذكر كتب التاريخ أنه بعهد الخليفة العباسي المأمون٬ الذي كاد يحول الخلافة للعلويين٬ ثار عدد من «الطالبيين» ضده٬ بعضهم اقترف الشنائع٬ بمكة والمدينة.
خرج رجل اسمه أبو السرايا٬ مدعًيا الانتقام «لآل محمد» وضربت الدراهم باسمه عام 199هـ٬ أبو السرايا هذا نصّب علويا على مكة٬ اسمه حسين بن حسن٬ فدخل هذا مكةً قبل مغرب يوم عرفة٬ وسلب كسوة الكعبة ثم وزعها على صحبه٬ و"هرب منه خلق كثير" وكان له دار بمكة اسمها "دار العذاب"٬ وسلط أتباعه على سواري الحرم المكي فجعلوا يحكون الذهب عنها٬ وقلعوا الحديد الذي على شبابيك زمزم٬ وتجاوزوا الأموال للاعتداء على الأعراض.
كان هناك وال من العلويين٬ تابع لأبي السرايا على البصرة٬ لقب بزيد النار لكثرة ما أحرق من دور أهل البصرة. أما باليمن فخرج العلوي إبراهيم بن موسى بن جعفر٬ وهرب منه والي العباسيين٬ لقب إبراهيم هذا بالجزار لكثرة ما قتل باليمن من الناس. (التفاصيل بكتاب المؤرخ محمد الخضري بك٬ محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية.

"الشرق الأوسط"