الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٣ صباحاً

رعب ترامب .. وثبات السياسة الأمريكية

عبد الإله الحريبي
الثلاثاء ، ١٥ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٧:١٥ مساءً
حالة الخوف والرعب التي أصابت العديد من دول العالم أعتقد أنه مبالغ بها ، إعتمد المرشح الجمهوري دونالد ترامب في حملته الانتخابية على ما أصبح يطلق عليه الخطاب الشعبوي ، وهو الخطاب الذي يتفاعل معه الامريكيون حالياً في ظل حالة من الاحتقان والشعور بأن أمريكا بدأت في التراجع عن مكانتها في مقدمة دول العالم أو بتعبير آخر موقع ( قائدة العالم والمتحكمة في الكثير من إيقاعاته الاقتصادية والعسكرية ) ، في واقع الأمر لن يحيد ترامب عن واقعية السياسة الامريكية وأهدافها التي تصاغ بشكل مستمر منذ عقود كثيرة حسب مقتضيات الزمن ، في السياسة الامريكية هناك ثوابت وخاصة ما يتعلق بإسرائيل ، والتحكم بمصير وسياسات المنطقة العربية بما يضمن بقائها تحت الوصاية الامريكية ، ما يعتقد البعض أنه تغيير ولا أظن ذلك إنما هو إستمرار لسياسة سابقيه ولكن تقتضي المرحلة الحالية مزيداً من الوضوح ، كمثال مسألة نقل السفارة الامريكية لمدينة القدس العربية المحتلة ، هذا الامر متعلق بالوضع السياسي المتمزق للمنطقة العربية وضعف الجانب العسكري العربي بشكل كبير جداً نتيجة الحروب البينية التي يعيشها العرب بمختلف طوائفهم وأحزابهم وجماعاتهم في سوريا وليبيا واليمن ، وهو صراع للامريكان دور في إشعاله ، وهذا الوضع العربي يجعل مشروع الدولة اليهودية في نظر المتعصبين لهذه الدولة قد أتى وقته المناسب ، حتى مشاريع المقاومة لإسرائيل فقد تم إشغالها بصراعات أخرى أو جعلها منفصلة عن جوارها العربي ، هذه المواقف وغيرها لترامب متوقعة ، ولكن العقل العربي بالذات يحاول أن يعيش في أحلام الشعارات الزائفة التي يرفعها الامريكان ويمارسون نقيضها في الواقع ( الحالة العراقية نموذجاً ) ، دونالد ترامب أتى صريحاً في الإفصاح عن السياسة الامريكية في العالم ، ولم يأت بجديد يمكن أن نبرر الحالة المليئة بالدهشة والرعب وإنتظار مجهول معلومٌ سلفاً ... مشكلتنا نحن العرب أننا لم نصنع ما يقينا شر هذه السياسات العنصرية ضدنا منذ وقت مبكر .. أموال العرب هناك في أمريكا وأوربا ونحن بحاجة لها هنا في بلداننا العربية ، كي نصنع جزءاً من حضارة عالمنا المعاصر ، لكن من يفهم من قادة ومسئولي بلداننا وبخاصة التي تستثمر أموالاً هائلة في الغرب ؟! ، تكثيف الاستثمارات العربية البينية هو طريق الخلاص من الهيمنة الخارجية على الدول العربية النفطية ، هناك دول كمصر والسودان واليمن تمثل واحة خصبة للتنمية الزراعية والصناعية وعلى الدول الثرية أن تسخر أموالها في هذه البلدان ، أيضاً الإستثمار في إستخراج المواد الخام لكثير من المواد التي تساهم في النمو الصناعي ، وهو الأمر الذي سيعزز علاقاتها مع بعضها ، ويخرجها ولو بشكل جزئي من دائرة الإرتهان لسياسات واشنطن وغيرها في المنطقة ، وإنقاذ لقدراتها المالية من حالة تجميد كما حصل مع إيران وقبل ذلك مع العراق .. ولا داعي لهذا الرعب الذي يعيشه العرب وجوارهم .. الموضوع يحتاج الى كثير من القراءة .. ومناقشة مستفيضة في كثير من النقاط التي أثارها ترامب في حملته وبثت رعب وخوف في بعض الاوساط العربية .. لا مجال هنا للخوض فيه ..