الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥١ مساءً

أنا رجلٌ من ذمار !

سام الغباري
الاثنين ، ٠٦ مارس ٢٠١٧ الساعة ٠٧:٢٥ صباحاً
- ولدت في مدينة يمنية إسمها "ذمار" ، صارت اليوم معسكراً لإستقطاب الكثير من المغفلين الذين يذهبون إلى حتفهم في جبهات المقاومة المشتعلة بمناطق قريبة من مدينتي ، أشعر بكراهية فجة من كل الذين يعرفونني ، أتحمل في مجموعات الواتساب كثيراً من اللوم والعتب ، أحاول أن أقول شيئاً واحداً لكل من يتعرف عليّ ، أنني لست مع الحرب ، فهي ليست مقدسة ، السلام وحده هو إسم الله ، ففي حين أراد الإغريق ممارسة دورهم الاستيطاني انقلبوا على أفكار أرسطو وفلسفة سقراط واخترعوا آلهة للحرب ، خدعوا بها بسطاءهم وقبائلهم الهمجية للذهاب إلى حيث يطمعون محملين ببركات آلهتهم المقدسة ، ذلك ما فعله الحوثيين في بلدي ، اخترعوا مسيرة قدسوها ، شبيهة بأي آلهة خرقاء تتحدث بإجلال عن الحروب والكوارث ، ولا تقدس فرصة واحدة للسلام بما يجعلها ترمم جراح المئات من العائلات المنكوبة .
- لم أختر أن أكون من ذمار ، تلك إرادة الله ، الذي نفخ فيّ من روحه كما نفخ في الحوثيين والأميركيين واليهود وكل الأجناس البشرية ، أنا اتحدث عنهم كأخوة لي على هذه الأرض ، لنا أب واحد اسمه آدم عليه السلام ، ودين واحد جاء به الأنبياء كلهم منذ إبراهيم حتى محمد الخاتم صلوات الله عليهم أجمعين ، يحضر الدين في الثقافات المتعددة ليشكل لها قيماً وأخلاقاً ، ذلك ما لم يحدث مع الحوثيين في بلادي ، حملوا السلاح على الأبرياء ، وحصدوا على طريق النار القادم من صعدة أكثر من خمسة الآف ومئتين وإثنين وثلاثين شهيداً منذ بزغ ربيع العرب المشبوه في 2011م ، وحصد ماقبلها أكثر من عشرين ألف قتيل من طرفي قتال الحروب الست ، وما زال الحوثيين يحصدون القتلى ويستأجرون فرق إغتيال اكاديمية وثقافية وشعراء يبررون لهم ما يفعلون بدعوى البحث عن إدانة لجهد قوات التحالف العربي التي دعمت السلطة الشرعية في اليمن ، وانقذتها من إنقلاب متعدد الرغبات ، جعلها تقاوم بنفسها همجية الحوثيين المقدسىة !.
- أيها الحوثي .. أنت أخي ، فلمَ تقتلني ؟ سؤال عابر بين مئات الأسئلة التي اختصها جهادك الفوضوي ليصل إلى قلب الإنسان فينتزعه ، ويخبئ في الأرض الآف الجثث التي كان يجب أن تعيش ، وتنمو ، و تعبد الله ، فنزعتها من واقعها المهان إلى إهانة الجحيم ولسعات ناره التي لا ترحم .
- لا أريد أن اشعر بالعار لأني انتميت إلى محافظة تمثل مخزوناً بشرياً هائلاً يتوزع لقتل اليمنيين بلا رحمة ، نحن كثيرون جداً من نعارض ذلك الصلف المؤذي ، لكننا لا نملك غير دعوة السلام ، والقلم ، والحبر الذي ينزف مع كل شريان يتدفق منه الدم بغزارة مؤسفة ، ليتنا نستطيع أن نمنحكم شيئاً من أرواحنا ، وأن نقف معكم في منع شيء مما يحدث ، لكني أناشدكم إن رأيتم إسم مدينتي يوماً فلا تكرهوها ولا تكرهونني ، أنا لم أختر بلدتي ولا بلدي ولم أصنع شيئاً مؤذياً لأحد في حياتي إلا أني أكتب وأسمع المعجبين والساخطين على السواء ، ولا أريد أن أجد أحداً يقتل لأجل شيء مقدس ، فكل الأشياء ليست مقدسة ، الله هو المقدس والسلام هو الله ، لذلك تعالوا نربي جيلاً جديداً يؤمن أن الإنسان هو الأخ والشقيق والروح ، مهما كانت ثقافته أو لونه أو منهجه ، تعالوا إلى كلمة سواء إسمها السلام ، يا كل أب و يا كل أم : انسوا أوهام الغزو وأحفظوا أولادكم على أسرّتهم ولا تذهبوا بهم إلى محارق الموت والضياع ، وإلى الفتنة التي تئد الأحلام والأوهام معاً ، أنتم أخوتي أيها الحوثيون ، أيها المقاومون ، أيها الشماليون ، أيها العدنيون الطيبون ، أبانا واحد ، وأمنا الأرض ، وإلهنا الله عزوجل .
- أنا حزين لأني لم استطع أن أصمد في بلدي ، غادرت فقيراً مسكيناً ، مطارداً كشخص سيء ، ومطلوب لمسيرة الحوثيين التي تأكل اليمن وتدك تاريخ الجمهورية والوحدة ، وتفعل فينا مالم يفعله التتار في بغداد ، أريد أن احمل كفني في يدي و ابعث إليكم بروحي فداءً لكل طفل سيقتله الحوثيون في جامع الله ، ولكل أم تمزق صدرها نحيباً على عائلها الغارق في دمه ، لكل أب فقد إبنه واسرته بقذيفة لا يعلم أحدٌ من أرسلها إلى داخل غرفته المتواضعة ، أريد أن احقن كل هذا الدم الذي يتراكم على شاشات الأخبار بارتفاع مطرد يـُـلغي إنسانيتنا كبشر ، ويمنحنا طريقة واحدة للوصول إلى جهنم ، وإلى الدمار الذي يُـغضب الله كثيراً ، ويُـبعدنا عن شمائل رحمته وعظمته ومغفرته ، اتركوا الحروب المقدسة ، وقدسوا الدم وروح الله .. فقط .. وأرجوكم لا تكرهونني لأني من ذمار ! ، فما اخترت مسقط رأسي ، ولا أهلي ، ولا بلدتي ، ولا وطني ، إلا أني صرت إنساناً يأمل أن يصل السلام إلى كل تراب الأرض ، وأن نحقق معاً حضارتنا التي نصنعها بأيدينا ، ونبعث فيها من دين الله الواحد ما يعزز قيمتها وأخلاقها ويعطيها الضوء الباعث على الأمل والمحبة والسلام .
.. هل يسمعني أحد ؟!