الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً

عن 90 لواء عسكريا أحرقوا بلدهم

مروان الغفوري
السبت ، ١٨ مارس ٢٠١٧ الساعة ١٠:٣٩ مساءً
للذاكرة:
لحظة اقتحام الحوثيين لصنعاء كان الجيش اليمني يتألف من:
٤٤ لواء حرس جمهوري
٣٢ لواء يتبع الفرقة الأولى مدرع
١٤ لواء يتبع وزير الدفاع
القوات الخاصة.
الشرطة العسكرية.
الشرطة.
الأمن المركزي.
وكانت العاصمة محاطة بستة ألوية حرس جمهوري، أربعة ألوية حماية رئاسية، القوات الخاصة، الشرطة العسكرية. كانت العاصمة تحت حراسة كتلة عسكرية قوامها ٨٠ ألف جندي وضابط!
.. منذ الثاني والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤ أصبح كل هذا الجيش تحت إمرة الحوثي، ويخوض حروبه.

في نهاية المطاف قام هذا الجيش الجرار بإحراق الجمهورية اليمنية على رؤوس أهلها.

مرت شهور عديدة، وانتظرنا. كنا نتمنى أن نسمع فيها عن لواء عسكري واحد أعلن الرفض، عن ضابط واحد خلع بزته وداسها، عن مجموعة عسكريين تعلن احتجاجها. لا شيء سوى الخضوع التام، والتسليم الشامل لقوى لا تمثل أي دستور، ولا تستند لأي قانون.

وتذكرنا أمل دنقل وهو يتحدث عن الجيوش التي "لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء". لكن جيشنا اليمني كان سيئاً وقبيحاً لأبعد مدى. فبعد أن التهم أموال اليمنيين القليلة خلال نصف قرن، على حساب الصحة والتعليم، فتح على صدورهم النيران.

في دول عديدة من العالم يوجد قَسَمٌ خاص يؤديه متقلدو المناصب الرفيعة، المدنيون والعسكريون:
"وأن أحمي الدستور والقانون ضد أعدائهما داخل الوطن وخارجه". هناك قسم مماثل أداه قادة الجيش في اليمن، وقال ضباطه جميعاً إنهم سيحمون الدستور ضد الأعداء الداخليين. اكتشف قادة الجيش اليمني، ليلة ٢١ سبتبمر، أن الجمهورية والدولة والدستور هم الأعداء.

عندما أتذكر الطريقة التي ختم بها الجائفي حياته، مكللاً بعار تاريخي، ينتابني ذهول. وإذا أعدت شريط الذاكرة إلى الخلف تقفز بين عيني رسالة طالب في كلية الهندسة، قاوم ليلة كاملة دفاعاً عن العاصمة. قالت رسالته: انسحبنا تحت ضغط فارق السلاح، مررنا أمام بوابات معسكر الصيانة وكنا نصيح، نطلب من العسكر أن يفتحوا لنا الباب. فيأتيهم صوت من أعلى البوابة: لدينا تعليمات بإغلاق الأبواب.

الجيش الضارب، مترامي الأطراف، خان كل شيء، وغدر شعبه. ذلك هو العدوان، وذلك هو العدو. ما من عدو لشعبنا سوى الجيش المكون من ٩٠ لواء، الجيش الذي أطلق صواريخ سكود على مدن اليمن، وزرع ٢٥٠ ألف لغم في المدن والأحياء السكنية، بحسب تقرير حديث لوزارة حقوق الإنسان.

لكن صالح، في لقائه الأخير مع مشائخ صنعاء، حل جزءاً من اللغز. طالب أهل صنعاء وما حولها بالمزيد من الالتحام بأرض المعركة. قال، بوضوح شديد، إنه يملك ٤٠٠ ألف مقاتل. وللتوضيح قال إنه يعرفهم جيداً، فهم الذين هيكلهم هادي. وبوضوح أشد قال إن الـ ٤٠٠ ألف جندي هم من سكان صنعاء وما حولها! وهو يقصد، بلا شك: أبناء القبيلة والمذهب ورابطة المصالح. كان، فيما يبدو، صادقاً إلى حدٍّ ما. ولا يوجد تفسير بمقدروه فك لغز الانصهار الشامل للجيش داخل الميليشيا الطائفية سوى إشارة صالح.

شخصياً سأنسى أشياء كثيرة، لكن هذه القصة الغريبة والقاتلة، قصة تسعين لواءً عسكرياً قاموا بإحراق بلدهم .. مما يستحيل نسيانه.

من صفحته على "الفيس بوك"