الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١١ صباحاً

لماذا يشعرُ الإصلاحي بالخجلِ من انتماءه

محمد المياحي
الثلاثاء ، ٠٢ مايو ٢٠١٧ الساعة ٠٩:٤٩ مساءً

لماذا يشعرُ الإصلاحي بالخجلِ من انتماءه..؟

ما أسوأ أن تعيش في رجفةٍ دائمة، تُخيفك فيها قناعاتك، يُلاحقك فيها شبحُ الانتماء، كما لو أنكَ لصُ على عقله صُرة مسروقة..!
تغدو مهزوزاً تطاردك فيها خياراتك الروحية والعقلية وتسعى للتبرؤ منها أو تضطر لإخفائها عند كلّ مجلسٍ وتحتَ كُلّ شجرة..!
تلك محنة نفسية تجعلك مضطرباً على الدوام وتُحيل حياتك جحيماً وكابوساً دائما يسلبكَ سكينتك وسلامك الداخلي العميق..!

إحدى وظائف الإنتماء أن يمنحَك الأمان، يُلملمك من حالة التيه والشتات ويوفرُ لك تصوراً وموقفاً تجاه الوجود والأشياء من حولك، وحين يغدو الإنتماء باعث للخوف عندها يفقدُ وظيفته ويكونُ لزاماً عليك البحث عن بدائل للسكينة والأمان العقلي اللازم للحياة..!

أنت إصلاحي، ذلك حقك المطلق، عليك أن تعض عليه بنواجذك ولسانك وعقلك ، وتُفصح عن موقفك بشكل صارخ وجلي،
ما دمتَ تشعرُ بالحضور الروحي مع قناعتك تلك فليس عليك بعدها أن تُبرر انتماءك لأحد، إذ أننا لسنا مُتهمين ؛كي نكون ملزمين باثبات براءتنا مما نؤمن به.
الجريمة ليس الانتماء؛ بل عيشك في حالة ذُعرٍ دائم مع انتماءك، تلك هي الجريمة التي ترتكبها ضد ذاتك، بعد أن أصبح انتماءك باعثاً للريبة ومدعاةً للخوف..!

ربما إحدى تفسيرات ظاهرة تبرؤ الكائن الإصلاحي من إعلان إنتماءه هو دروس السرية التي يتلقاها في محاضن التنظيم، إذ يعتاد على تكتيم ما يُلقن كما لو أنه يتلقى محاضرات في إعداد المتفجرات والألغام، فيما الحقيقة أن ما يُدرس شيء طبيعي ولا يستحق بتاتا تلك السرية المخيفة التي يُطالب بها العضو..!

حالة السرية هذه التي تحوط تلاميذ التنظيم تُشكل حاجزاً نفسياً بينهم وبين المجتمع، وما إن يصتدموا به حتى تبدأ وساويس الكِتمان تطغى عليهم، ويضطرون للصمت أو التهرب من مواجهة الأخرين والدفاع عن قناعاتهم، هكذا يُربي التنظيم عناصره في الغالب على الجُبن وترك المراء، بحسب التعبير النبوي،
وبهذا ينشأ الكائن الإصلاحي في حالة إعاقة تعبيرية وعُقد لسانية مزمنة، ورُهاب اجتماعي يدفعه للهروب والعيش خارج قناعته على الدوام..!

ثمةَ سببُ اضافي يتعلق بتعرض الحركة الاسلامية للشيطنة المفرطة من قبلِ أجهزة المخابرات وأذرُعها الاعلامية، ومحاولة تلبيس عناصر التيار الاسلامي صورة ذهنية سوداء عن ذواتهم في قلب المجتمع ، مناقضة لما هُم عليه حقيقة، ما يدفع العضو العادي منهم للنأي بذاته حين لا يُمكنه مواجهة تلك الصورة المخيفة غالباً وذلك لضآلة وعيه أحيانا وهُزاله النفسي في أحياين أخرى كثيرة..!