الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٤ مساءً

الصراحه راحه..... الرئيس الرمز وطلب الضمانات والحصانه!!!

خالد محمد الكحلاني
الجمعة ، ٢٣ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٣٠ صباحاً
اعلم ان الصراحه وقول كلمة الحق في عالمنا العربي ليست راحه بل تجلب لصاحبها المتاعب والمشاكل خاصة اذا كانت الصراحه تتناول الأنظمه القائمه وقادتها ورموزها الفاسدين بل ربما اكثر من ذلك قد يتعرض قائلها للأذى الجسدي والنفسي وقد تكتفي السلطات الأمنيه بما قضاه من السنين في هذه الحياه وتقرر اختصار عمره بتوجيهات عليا وقد لايقتصر ذلك الأذى عليه وحده بل يمتد ليجني على اشخاص اخرين من اقارب واصدقاء ومعارف ولكن ورغم كل ذلك تضل المقوله صحيحه مائه بالمائه فالصراحه وقول كلمة الحق اوحتى ما يعتقد الشخص انه حق راحه لكل انسان سوي يحمل ضميرا حيا مهما ناله بسببها من اذى.

اعلم ان صراحتي اليوم قد لاتعجب الكثيرين من انصار النظام المنتهيه صلاحيته ومحبي الرئيس المنتهيه ولاياته ولكنها صراحه لابد منها واوجهها بالذات الى اولئك الذين لاتزال الغشاوة على اعينهم والأقنعه على وجوههم وهي صراحه تمليها علي الظروف الجديده التي يعيشها اليمن بعد ان بدانا نستنشق نسيم الحريه الحقيقيه وليست المزيفه التي منحنا اياها النظام السابق وتحررنا من الخوف الذي كان جاثما على صدورنا بفضل الثوره الشبابيه الشعبيه المباركه التي حررت عقولنا وقلوبنا.

الرئيس الرمز الذي ولدنا ترعرعنا وكبرنا وهرمنا في عهده والكثير منا لايعرف رئيسا غيره كان ولايزال يصور في وسائل الأعلام الحكوميه واعلام المطبلين وفي المقايل بالزعيم الرمزوالقائد الملهم الحكيم فارس العرب الصادق الأمين راعي المنجزات ومحققها فكل منجز يتحقق لم يكن ليتحقق الا بفضل رعاية وتوجيهات فخامة الرئيس حفظه الله فهوالذي تطوع راضيا مختارا و ضحى وخاطر بحياته من اجل اليمن حاملا كفنه على كتفه وهو يعتبر السلطه مغرم لامغنم لم يجن من ورائها مكسبا واحدا الا التعب والمعاناه والسهر وكل ذلك من اجل عيون الشعب وراحته وخدمته. الزعيم الذي يحمل كل هذه الصفات وحقق كل هذه الأنجازات وله هذه السيره الذاتيه الرائعه لماذ يحتاج ان يطلب ضمانات محليه واقليميه ودوليه ويصر على استصدار حصانه بقانون من مجلس النواب يمنحه وأقاربه ومعاونيه صك براءه و يشترط فيه عدم الملاحقه القضائيه امام المحاكم المحليه والدوليه؟ هل ارتكب جرما؟ هل هناك ما يخفيه عنا ويخاف ان ينكشف بعد ان يغادر السلطه؟ هل هناك ما يخجل منه؟هل كان يخدعنا طوال هذه السنيين ويوهمنا انه يعمل لأجلنا ؟ والا ماذا؟

المفترض في وضع كهذا ورئيس بهذه السيره الذاتيه بدلا من طلب الحصانه واصراره عليها ان يقف شامخا رافعا راسه حاملا معه انجازاته الكثيره التي حققها لليمن ويقول بملء صوته " هاؤم اقروا كتابيه" ويتحدى كل من يثبت عليه انه اساء او استغل موقعه على راس الدوله في أي ممارسات فساد او استغلال للمال العام والتربح من وراء الوظيفه العامه او تعيين الأقارب في مواقع وظيفيه لايستحقونها ا و..او ا...و...الخ.
على العموم لم يعد هناك ما يمكن اخفاءه واعتقد ان طلب الحصانه الذي اصر عليه الرئيس وحصل عليه وضمنه المبادره الخليجيه هو دليل الأدانه الذي يقدمه الرئيس بنفسه ضد نفسه واقاربه ورموز نظامه ممن سيشملهم قانون الحصانه ليدلل على فساده وسؤ استغلاله للسلطه والمال العام طيلة 33 عام وهذه هي الحقيقه التي لاتحتاج الى دليل اصلا شاء من شاء وابى من ابى. هذه هي الحقيقه التي تعرفها جموع الملايين من الشعب التي خرجت الى ساحات الحريه تطالب باسقاطه ونظامه الفاسد وتطالب اليوم بعدم منحه الحصانه ويعرفها الملايين ايضا من ابناء الشعب الصامتين (الفئه الصامته) بل ويعرفها كل المحيطين بالرئيس من رموز نظامه وقيادات حزبه وكوادره المستفيدين من هذا الفساد ولا يجهلها الا القله من البسطاء والقواعد الحزبيه المخدوعين ممن نجحت الة التضليل والتطبيل الأعلاميه للنظام في تضليلهم وقلب الحقائق لهم.

وبالمناسبه انا هنا لا أدعو الى عدم منح الحصانه التي نصت عليها المبادره الخليجيه (وهذا رائيي الشخصي) مع انه مطلب حق وعادل لأننا وافقنا وارتضينا ان تكون المبادره واليتها التنفيذيه هي الحل والمخرج للأزمه اليمنيه ويجب ان نلتزم بما اتفقنا عليه مهما كان في ذلك من ظلم واجحاف بل وخيانه لدماء شهداء وجرحى الثوره المباركه ولكني في نفس الوقت لااستطيع ان ارفض او احجر على المطالبين بعدم منح الحصانه للرئيس ورموز نظامه فمن المؤكد انهم محقين في رفضهم وفي تطلعهم الى تحقيق العداله خاصة اولئك الذين اكتووا بنار هذا النظام وفقدوا ابناءهم واباءهم شهداء في سبيل هذا الوطن ومن فقدوا وظائفهم واموالهم ومصادر ارزاقهم في تعز وعدن وابين وصعده وصنعاء وكل محافظات الوطن.

اتفهم كل هولاء واتفهم دوافعهم. صحيح ان كل ابناء الشعب اليمني اكتوى بنار هذا النظام ولكن هناك بالتاكيد تفاوت في درجات الضرر التي لحقت بالمواطنين من مختلف الفئات والشرائح.

لكم كنت اتمنى في قرارة نفسي لو ان الثوره اتخذت مسارا اخر ونجحت في اجتثاث الظلم واقتلاع النظام كاملا وتحقيق العداله بمحاكمة كل من افسد وعاث في اموال الشعب وخيراته ولكن للأسف عبث بالثوره من عبث وتاجر بها من تاجر وامتطاها من امتطى من اصحاب المصالح والمتاجرين بدماء الشعوب وخيراتها فلم يكن هناك افضل مما كان وقبلت الغالبيه بهذا الحل الناقص تجنبا للأسواء وعزائي في ذلك انه مهما تصورأي ظالم او فاسد اومجرم انه نجح في الهرب من يد العداله الأرضيه فانه في الحقيقه هروب مؤقت الى الأمام فقط فهو اولا لن يهناء ابدا في حياته بما جمع من اموال وارتكب من مظالم وسيضل اسيرا للخوف والقلق ومترقبا ان تطاله يد العدالة في أي لحظه وثانيا وحتى اذا ما فترضنا انه نجح تماما في الهرب من العداله الأرضيه فأين سيهرب من العداله الألهيه في الأخره وهذا ما أود ان اهمس به في اذن الرئيس ومن شاركه ظلمه وفساده من اقارب وقيادات سواء من ظلوا معه اومن انقلبوا عليه واسألهم جميعا: اين المفر؟ اين المفر ؟ اين المفر؟ عودوا الى هذه الأيات من كلام الله في سورة القيامه حيث يقول تعالى : يقول الأنسان يومئذ اين المفر.كلا لاوزر. الى ربك يومئذ المستقر. ينبؤا الأنسان يومئذ بما قدم واخر. بل الأنسان على نفسه بصيره. ولو القى معاذيره. القيامه 10-14. من سيمنحكم حصانه وصك براءه من العدل الألهي في المحكمه الألهيه ؟ هل ستحضرون حصانتكم معكم الى عرصات يوم القيامه؟ لن تغني عنكم من الله شيئا.

وكما ذكرت في بداية هذا المقال ان هناك من سيستاء من هذا المقال ويقول ان هذا تجني واساءه للرئيس الذي ضحى وبذل وخاصة بعض المدافعين عن الرئيس ممن يعرفونه عن قرب حيث دائما ما يشيد هولاء بماثره وسجاياه واخلاقه الحميده وقد قال لي احد المقربين منه في حوار قريب بعد توقيعه للمبادره الخليجيه ان الرئيس يعد فعلا حكيم اليمن وانه بموافقته على التوقيع قد اثبت فعلا انه وطني صادق ضحى من اجل اليمن ورمى بالحمل على المعارضه ليرى كيف سيقودون اليمن وبالطبع كلنا يعلم ان هذا الكلام مغالطه كبيره وان الرئيس لم يوقع وطنية ولا تضحيه وانما كان مجبرا بفعل ضغط الثوره الشعبيه المباركه وضغط المحيط الأقليمي والدولي عليه والذي ادر ك ان علي عبد الله صالح اصبح كرتا محروقا وورقه خاسره يجب استبدالها وبعد ان استنفذ الرئيس كل الحيل للمناوره والتهرب من التوقيع وكلنا نعلم مشروعه الحقيقي الذي كان سائرا فيه من اجل اليمن الا وهو التعديلات الدستوريه التي تمهد الطريق للتوريث لأبنه اسوة بمشاريع التوريث في باقي البلدان العربيه وهي المشاريع التي اجهضتها ثورات الربيع العربي.

اما بالنسبه لصفاته واخلاقه الحميده فاذا احسنا النوايا وصدقنا بوجودها فما يهم الشعب اليمني منها ان لم تصله خيراتها وثمارها ولم يتم توظيفها للنهوض الحقيقي بالشعب وتنميته وتحسين مستواه المعيشي والمستفيدين الوحيدين من هذه الصفات الكريمه هم فقط اولئك الذين انعم عليهم الرئيس بالهبات والأموال والصفقات من اقاربه واتباعه اما اذا اسأنا النيه فنظن ان كل تلك السجايا والصفات الحميده ماهي الا ادوات يستخدمها الرئيس الداهيه كسياسي محنك لذر الرماد في العيون واستغفال المغفلين والبسطاء من الناس وهناك مقوله مشهوره ان السياسي الناجح هو من يرمي بالأخلاق وراء ظهره والشيء الوحيد الذي قد نتفق عليه انصارا وخصوما للرئيس انه شخصيه قياديه محنكه وموهوبه وذكي بالفطره ولكنه للأسف لم يوظف هذه الموهبه لمصلحة الشعب وخدمة لليمن بل وظفها لخدمة مصالحه والرقص على رؤؤس الثعابين السامه التي اجاد الرقص عليها طيلة 33 عاما لكنه لم يفكر في نزع سمومها منها مما ادى في النهايه الى سقوطه بلدغات تلك الثعابين .

واخيرا هناك من يرمي بالورقه الأخيره محاولا تبرئة الرئيس مما حدث ويحدث بالقول ان الرئيس فعلا قائد وطني ونواياه طيبه ولكن من حوله هم من يسيئون اليه ويضغطون عليه وانه لو قدر الله له بطانة صالحه تعينه على الخير لراينا منه اداء مختلفا تماما وبطبيعة الحال هذا الكلام ايضا مرفوض ومردود على قائله وهو لعمري عذر اقبح من ذنب ولا يعفي الرئيس من أي مسؤليه فهو الذي كان يجب عليه اختيار البطانه الصالحه والأستعانه بالشرفاء والصادقين والمخلصين والبحث عنهم في كل المجالات وليس ابعادهم والتخلص منهم وما التخلص من الوطني النزيه فرج بن غانم رئيس الوزراء الأسبق رحمه الله والذي كان فعلا لديه مشروع حقيقي لبناء دولة النظام والقانون الا نموذجا ومثلا لعدم صحة ذلك الأدعاء والأمثله كثيره جدا في هذا الجانب والله من وراء القصد.