الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٧ مساءً

خانات الإخلال الوظيفي

ياسر عبدالله بن دحيم
السبت ، ٠٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
انطلقت الثورات العربية في ربيعنا العربي على أيدي شباب حطمهم معنوياتهم الفساد الإداري المستشري في مكاتب وأجهزة الدولة المختلفة وكان من ابرز أسباب هذه الثورات التلاعب بمستقبل الشباب ورميهم ضحايا للعطالة والبطالة وكان من أول الشعارات التي رفعها شباب تونس ( التشغيل استحقاق .. يا عصابة السراق ) .

فبينما يعاني الخريجون أصحاب المؤهلات الجامعية من البطالة وينظموا إلى قافلة العاطلين عن العمل منتظرين دورهم لسنوات طوال ينعم أبناء وأقرباء المسؤولين ومدراء المكاتب خريجو الثانويات العامة بالوظائف لتنتقل عدوى التوريث العائلي من قمة السلطة إلى وزارات وإدارات الدولة المختلفة فأصبحت بعض مكاتب الدولة مملكة لسيادة المدير وعائلته !! .

قيل للناس حُلَّت مشكلة التلاعب بالوظائف وتم إعداد لجان لضبط الأمر بعد أن هزت ثورات الشباب مضاجع الساسة وأعلمتهم أن للصبر حدود وجعلت مستقبل هذه البلدان(عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ), هكذا ظُن ومن الخلق الحسن الظن الحسن , ولكن بقي التلاعب مستمراً فيما يسمى بوظائف الإحلال التي تغرد خارج سرب الضبط والمراقبة ليتلاعب بها مدراء المكاتب وسماسرة الفساد بيعا وشراء وهبة وهدية والأقرباء - طبعاً - أولى بالمعروف وعلى مبدأ صلِّح لي باصلحلك , وتظل كشوفات الإحلال بعيدة المنال إلا لمن سعد اسمه و( قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ) .

هذه الكشوفات تظل بعيدة خفية , فتطبع وتعد وتجهز خارج مكاتب الإدارات المعنية كما قيل , ولتجهَّز الطبخة حتى إذا استوت وزِّعت الكعكة على أصحاب السعادة دون أي معيار لكفاءة أو شهادة أو سنوات جلوس بعد التخرج أو حاجة الإدارة إلى هذا التخصص الشاغر سوى شفاعة القرابة أو المال أو توجيهات عليا .

ثورات الشباب العربي تبعتها ثورات أخرى هي ثورات المؤسسات لإزاحة الفاسدين المتلاعبين بمقدرات الأمة إذ لا يصح أن يسقط هبل الأكبر ليبقى اللات والعزى , فمتى يدرك هؤلاء أن المكنسة الثورية لازالت عجلاتها تدور وأن الغضب لازال مستعراً في النفوس ويحتاج إلى خطوات عملية وسنوات لتهدئته وإزالة أسبابه وإعادة الثقة إلى نفوس الشباب الغاضبين ولربما انقلبت هذه الثورات إلى ثارات بسبب عدم فهم رسالتها جيداً وعدم تلبية مطالب الشباب التي ثاروا بسببها وضحوا بدمائهم وأرواحهم لأجلها .

إن من العجيب أن يفهم زين العابدين بن علي الرئيس الهارب درس الثورات حين أعلنها في خطابه الشهير وبدأ بالعاطلين ( فهمتكم فهمتكم لقد فهمت الجميع العاطل عن العمل والمحتاج والسياسي) فيما تبقى عقول المدراء الصغار مغلقة عن الفهم !! ولكن إلى متى يبقى مستقبل البلاد والعباد مرهوناً بيد مجموعة من الفاسدين والسماسرة يقودونه إلى الهاوية لأنهم لم يفهموا الدرس بعد ؟!