الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٤ مساءً

21 نوفمبر (يوم تبيَض وجوه وتسود وجوه)

عبده نعمان السفياني
الاثنين ، ٢٠ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٠ صباحاً
لقد كان صالح ومنذ انطلاقة الثورة الشعبية المباركة في نوفمبر 2011 يدرك يقينا بأنه سيأتي اليوم الذي يسوّد فيه وجهه ويرحل ، فكان له ذلك بل كُتب عليه أن يتفحم وجهه مرتين ، الأولى في حادثة دار الرئاسة ، أما الثانية - وهي الأشد وجعا وسوادا – فإنها يوم 21 نوفمبر 2012 ، وكان قد سبق أن صرح بنفسه في أحد خطاباته بعد توقيع مبادرة تنحيه عن السلطة - أو قرار رحيله - الذي لم يستطع استيعابه أو هضمه طوال سنة كاملة من العصف الثوري ، فهضم الأمر على مضض في لحظات عصيبة ، حيث الضغوط الداخلية أرّقت مضجعه ، فحرسه الجمهوري يتهاوى ولم يعد يثق فيه كما كان من قبل ، وثوار الفرقة الأولى مدرع في شارع الزبيري ، والشباب صامدون في الساحات ، كما أن الضغوط الخارجية بلغت مداها ، فمجلس الأمن على وشك إصدار قرار بتجميد أرصدته، ودول الخليج ودول الغرب وأمريكا تضغط هي الأخرى من جهتها ، حينها وقّع صالح على مبادرة الخليج مكرها ، فراح يطمئن نفسه العاشقة للهيمنة والتسلط والاستبداد بقوله أن المبادرة ليس فيها لا غالب ولا مغلوب ، وكان حينها يبحث عن ضمانات له كمنتصر على حد وهمه (ولا أظن أن أي منتصر سيبحث عن ضمانة ما) ، كما طالب قبيل مغادرته اليمن بعودة الناشطة توكل كرمان من الخارج خوفا من ملاحقته قضائيا هناك .

في تلك الأيام العصيبة على علي صالح والتي كان يبحث فيها عن ضمانة لنفسه كان قد نسى أعوانه المشاركين في ارتكاب جرائم القتل والتخريب التي صاحبت العمل الثوري حيث تلطخت أياديهم بالدماء ، فلم يبال هو ولم يهتم لأمرهم – كما اهتم بنفسه هو – لغرض توفير ضمانات لهم ، فمنحوا ربع ضمانة ، وهكذا أدرك أعوان صالح أنه رمى بهم في قارعة الطريق وبدأت المعالم تتضح أكثر عن حقيقة هذا الرجل .

بعد هذا الغليان الذي أشعل الساحات وأحرق كروت صالح حتى النهاية ، وبعد هذا الصمود الشبابي الشعبي الذي أسقط أعمدة نظام صالح حتى آخرها ، قرر الشعب اليمني (وليس صالح) أن يختار مرشحه لقيادة المرحلة المقبلة فاختار المشير /عبد ربه منصور هادي ، فأصبح عبدا لربه بعد 18 سنة من العزلة والتهميش من قبل نظام صالح الاستبدادي ، وأصبح منصورا منتصرا فناصره الثوار أملا في الانتصار لثورتهم ، وقد كان أيضا (هاديا أو هادئا) فالتزم الصمت خلال سنة كاملة حيث وقع أسيرا بين مطرقة استبدادية صالح من جهة وسندان الشوق للتغيير وتحقيق مطالب اليمنين والمحافظة على سلمية الثورة من جهة أخرى ، ومؤخرا بدأ يظهر ما يكنه بين جوانحه فراح يشيد بدور الشباب (الذين ألقوا بصخرة كبيرة على مياه ضلت راكدة لسنوات)

أما صالح الذي كان يمتدح نائبه ويقول هذا أخي ، هذا رفيق دربي ، هذا مناضل كبير ، هذا هو مرشحنا ، وقد قررتُ ترقيته إلى مشير ... وغيرها من العبارات التي خرجت من اللسان ولم تتجاوز الآذان ، محاولا إيهام الشعب أن هذا الرجل نسخة منه وكلاهما من بعضهما ، وأن الثوار لم يحققوا شيئا وأن المرشح الذي سنرضخ له هو رفيق دربه الوفي ، ونحو ذلك ، في حين كان صالح يكن في صدره الحقد لهذا الرجل حيث تعرض لعدة محاولات اغتيال ، سمعنا وقرأنا عنها جميعا ، في الوقت نفسه تعرض صالح لصدمة مرة أخرى حين أعلن الثوار والشباب وكافة أبناء اليمن مناصرة هادي حبا في طي صفحة صالح المظلمة ، كما أنهم لم يجدوا ما يمنعهم من ترشيح هادي للرئاسة ولمدة سنتين ، وهنا تجلت الحكمة اليمانية وتحقق للشباب وللشعب اليمني الباحث عن الحرية والعدالة والتغيير الهدف الأول والأبرز من أهداف ثورته.

كما تلاشت أوهام صالح ومناصريه حين بارك الشعب اليمني أجمع ترشح هادي لقيادة اليمن الجديد بما فيهم الشيخ / حميد الأحمر ، واللواء/ علي محسن ، وغيرهم ممن كان يعتقد صالح أنهم عشاق سلطة ودعاة كراسي وانقلابيين ، فاتضح الأمر جليا لأعوان صالح المخدوعين بهذه الأفكار التي روج لها مرارا وتكرارا عبر وسائل إعلامه ، فلفظه - بعد هذا الزيف – من تبقى ممن كان معه حيث اتضحت المعالم أكثر واكتملت صورته الزائفة ، ليبقى وحيدا في المنفى ، في الوقت الذي بدأ الشعب اليمني يلملم جراحه ويمد قدمه في سبيل وضع الخطوة الأولى نحو مستقبل مشرق ، منطلقا من انتخاب الرئيس الجديد في 21 نوفمبر ، وهو يوم الاحتفاء بانتصار الثورة بتحقيق الهدف الأول منها ، وحين (تبيض وجوه وتسود وجوه)