الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٠ صباحاً

الانتخابات التوافقية ... وموقف النخبة الجنوبية

فائز سالم بن عمرو
السبت ، ٢٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
يمكن وصف موقف الجنوبيين من الانتخابات الرئاسية التوافقية وما رافقها من أعمال وفوضى واختلاف في الرأي والرؤية بالموقف الهزلي والساخر ، فمقولة " ثورة بدأت بالزحف الثوري على القصر الجمهوري لتنتهي بالزحف الانتخابي " لا يخلو منها كل مجلس وتثير كثير من الإشكالات الحالية

والمرشحة ان تكون عنوان الصراع في المرحلة القادمة ، فيتعجب كثير من الجنوبيين من موقف الثوار ودعاة التغيير ورافعي شعار التغيير الثوري والجذري " الشعب يريد إسقاط النظام " ثم محاكمته وسحبه في الزنازين الدولية وجرجرته في المحاكم الغربية ان يتقزّم هذا الشعار ويصغر ويضمحل ليصار إلى تسوية سياسية تنتهي بانتخابات توافقية لمرشح واحد وطالما رفضت هذه الأحزاب وخاصة المشترك الانتخابات ورفضت دعوات الرئيس اليمني لها مرارا وتكررا بتهمة عدم جدواها وجديتها ولأنها لا تأتي بتغيير ثوري وجذري واختارت شعار الانقلاب الثوري والاحتكام للساحات والميادين منهجا وطريقا ما تلبث ان ترفع شعارات كانت ترفضها وتقبل بما كانت تعافه قبلا .

ومن المواقف الغربية والعجيبة التي يتوقف عندها النخبة الجنوبية الحملة الإعلامية الشرسة والمركزة على إبراز الانتخابات بأنها نجحت في الجنوب بنسبة كبيرة والتي أوصلتها بعض وسائل الإعلام إلى نسبة تفوق 95% وتبرز مقولة التهكم : علي عبد الله صالح ارحم ؟! ،

ويرجع الكثير هذه الهالة الإعلامية لأغراض سياسية داخلية وخارجية المراد منها تهميش المطالب الجنوبية وإظهار بان ما يرفع من أهل الجنوب والحراك الجنوبي من مطالب بالانفصال أو بالفدرالية من إقليمين ما هو إلا شعارات زائفة لا يقف معها الشعب الجنوبي بدليل انتخابه بنسبة تسعينيه . ويستدرك الرافضين لهذه التشويه الإعلامي بان القصد من هذه المشاركة المرتفعة في اليمن مع وجود المقاطعة بالجنوب ورفض الحوثيين في الشمال وخروج بعض المحافظات عن السيطرة الأمنية ومع وجود مرشح واحد وانشغال الغالية الصامتة من الجماهير اليمنية وكدحهم وراء لقمة العيش والتغلب على منغصات الحياة فلا تفسير لهذه النسبة أو هذه التصريحات إلا إذا كانت الصناديق جاءت مليئة لتغليب نظرة تهميش الجنوب وأهله .

وقد اختلفت نظرات النخبة تجاه ما فعله الحراك الجنوبي أو إحدى اتجاهاته من استعماله العنف والتخويف وترهيب المواطن ومنعه من الاقتراع مع ما يرفعه من شعار سلمي ، فالبعض يرفض هذا العمل ويصفه بأنه عمل خطير ويضر بالجنوب وأهله وقضيته ويخشون من ان يغري التحرك بالقوة والعنف قادة الحراك على فرض نفسه وينتقل إلى الحراك المسلح والتصادم في المرحلة القادمة ، ويجادل آخرون لماذا يرفض الثوار ودعاة التغيير على الآخرين ما كانوا يجيزونه لأنفسهم فهم على مدار سنة كاملة رفعوا شعار ثورة سلمية مارسوا فيها العنف وقطع الطرق واستهداف القوات الأمنية والجيش بل كانوا يناصرون الحراك ويدعمونه وإذا سجل أبناء الجنوب موقف رافض للانتخابات بالعنف أو بالتهديد تستنكر هذه الأحزاب المسلحة هذه الأفعال ويصفونها بالخيانة ، ويبرر البعض لما حصل في الجنوب من استعمال للقوة وإظهار للآخر بان الحراك وأبناء الجنوب لهم مطالب محقة لا يمكن تجاوزها والقفز عليها بالسير في انتخابات لا يستفيد منها سوى الطرفين الموقعين لاتفاقية الخليج ويقولون لولا ما أظهره الحراك من قوة وسيطرة على الأرض لاكتفت الأحزاب المشاركة في السلطة برشوة الجنوبيين ببعض المطالب الحقوقية وطمس القضية الجنوبية وتذويبها ضمن قضايا اليمن الكثيرة والمتراكمة .

في رأيي لقد أعطيت قضية الانتخابات هالة إعلامية قوية ومفاجئة في وسط سخب إعلامي مضطرب ومتصف بالتشنج والخلاف امتد على فترة الأزمنة اليمنية استعملت فيه جميع الأسلحة الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية والحزبية وكان هذا الخطاب الإعلامي نفعي وفئوي يسلط لحساب جهة أو فئة معينة ثم بعد فترة وجيزة يطلب من الجميع تبني خطاب وطني هادئ والسماح بعملية انتخابية هادئة وهو ما شكل تقاطع ورفض لهذا الخطاب المستجد تجلى هذا الرفض للانتخابات في الجنوب ومن قبل الحوثيين وبعض الجهات الرافضة لاتفاقية الخليج والتي تحظى بدعم خارجي وإقليمي واضح لمشاريعهم الصغيرة ،

والقضية الأهم بأننا لن نغادر مربع الخلافات والصراعات التي تلت الانتخابات الرئاسية التوافقية إلا بالعمل الجاد والملموس على حل مشكلات اليمن وخاصة القضية الجنوبية حلا عادلا ومنطقيا وتوافقيا , وما يرفع من خطابات من قبل البعض بان الرئيس من الجنوب ورئيس الحكومة من الجنوب ووزير الدفاع من الجنوب لن يحل القضية الجنوبية بل سيعقدها ويجعل الجنوبيين ينفرون ويتجهون اتجاهات أخرى تتقاطع مع النظرة التوافقية المفترضة للحوار التوافقي المقبل .