الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٩ مساءً

الفيدرالية هي الضمان الوحيد لدولة مدنية في اليمن

علي مهدي بارحمه
الجمعة ، ٠٢ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
الوحدة السياسية في كافة نظم اللامركزية السياسية جاءت بناء على اتفاقيات رضائية بين الدويلات أو الولايات الأعضاء فيها سابقة على الدستور الفيدرالي.

أما خضوع الأقاليم أوالولايات لدولة مركزية بالقوة أثبتت فشلها في أغلب دول العالم النامي، ولم نشهد نجاحا سياسيا وتكاملا اقتصاديا إلا في دول الاتحاد الفيدرالي منها.

لم يعرف الجنوب نظاما سياسيا واحدا إلا في عام 1967، في 30 نوفمبر أدمجت إحدى وعشرون سلطنة وولاية وإمارة بالقوة في دولة واحدة تحت تسمية جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ومن يومها لم تشهد استقرارا سياسيا، ولا تحت تسمية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بل ظل التناحر السياسي والحروب الأهلية ظاهرة لم تفارق أي مرحلة من مراحلها التاريخية طوال ثلاثة وعشرين عاما.

وأثبتت الدراسات العلمية وواقع التجربة أن السبب الرئيسي هي المناطقية والتابعية والصراع على السلطة، والتي انعدمت الأولى في عهد السلطنات والولايات، وتنحصر الثانية على الأسر الحاكمة فيها، مما جنبت سكانها ويلات الصراع على السلطة والطموح في الحكم، ويشهد التاريخ والمخضرمون في شعب تلك الولايات على ذلك، ويصفون تلك المرحلة بالعصر الذهبي في الجنوب، ولم يكن الجنوب محتلا عدا مدينة عدن، أما بقية السلطنات كانت تعرف بالمحميات نظرا لوجود اتفاقيات الحماية البريطانية مع سلاطينها منذ حوالي 1888، ومن ثم اتفاقيات الاستشارة.

ودخل الجنوب منذ 1967 في ما يعرف بالدول البوليسية والشمولية، حتى دخلت تلك الدولة في الوحدة اليمنية في 1990 بعد أن شهدت أكبر حرب أهلية مناطقية، كانت الوحدة المخرج لها من آثار تلك الحرب مع نظام سياسي شمولي في شمال اليمن لم يعرف الولايات والسلطنات، بل كان نظاما سياسيا واحدا، يحكم كل المناطق الشمالية، جاء على أنقاض المملكة المتوكلية الهاشمية.

إذا كان عمر السلطنات والولايات في الجنوب امتد مئات السنين، وارتبط تاريخها بتكريس وتعميق الانتماء المناطقي كالواحدي والقعيطي والكثيري والعولقي والمفلحي والعبدلي والفضلي واليافعي وغيرها، فقد تعمقت من حينها حتى اليوم، ولم يطمسها الاتحاد الفيدرالي لولايات وسلطنات الجنوب العربي، ولا النظام الشمولي بعد 1967، ولا الوحدة اليمنية اليوم، وهذا ما لم تعرفه المناطق الشمالية، عدا المذهبية التي لاتشكل درجة كبيرة من الخطورة المناطقية، كما هو الحال في المناطق الجنوبية التي عولجت الأخطاء فيها بالأخطاء، وأصبحت مشكلة الجنوبيين أنهم لايدركون أخطائهم إلا بعد فوات الأوان، ويعالجون الخطأ بالخطأ، معتقدين فيه الصواب، ومنها حرب صيف 1994.

في تقديري الشخصي إذا لم نستفد من تاريخنا لايمكن أن نضمن مستقبلنا، وإذا لم تقف اليوم النخب السياسية في اليمن وقفة هادئة ومتعمقة أمام الفيدرالية كأسلوب حضاري وعلمي للحفاظ على ان تكون الفيدرالية كنظام سياسي معاصر لليمن لن تتمكن من تجاوز المنزلقات التي يمكن أن تفرض على البلاد عاجلا أم آجلاً، وأن منهج الفيدرالية كفيل بامتصاص ما يلوح في الأفق السياسي، ويحافظ على المنجزات الاقتصادية والسياسية، وعلى حياة سكان البلاد، وحتما سينقل البلد إلى مصفوفة الاستقرار والاستثمار، بشرط عدم فرض الوصاية العسكرية والإدارية على الأقاليم أو الوحدات الإدارية من العاصمة ومنح الهيئات المحلية المنتخبة الاستقلال المالي والحق في الاستفادة والاستغلال المحلي لمواردها المحلية في التنمية، وتحديد موارد مركزية حصرا بهدف إعادة توزيعها على الوحدات الإدارية الأقل موارد تحت مبدأ التكامل الاقتصادي، وكل ذلك يجب أن يقوم تحت نظام اللامركزية السياسية، ولو كان مسماه حكما محليا، فالعبرة بالدستور والقانون في ظل نظام رئاسي، وغرفتين للشورى والتشريع، ولكن المرتكز الأساسي التنمية المحلية دون وصاية مركزية، والتعجيل بذلك في غاية الأهمية قبل أن يبدأ تطبيق مبدأ الفصل بين مناطق الثروة ومناطق الكثافة السكانية من الشركات عابرة القارات.