الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٢ مساءً

ماذا حققت ثورة الشعب اليمني (2-4)

علي المغدي
السبت ، ٢١ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تكلمت في مقال سابق عن منجز جوهري حققته ثورة الشعب اليمني المباركة هو (القدرة على التغيير)

او عودة الامل للشعب انهم اصحاب القرار... لكنني اكتفيت بالتقديم واود هنا ان اتكلم بشئ من التفصيل عن هذا المنجز

فاقول اولا : ان التغيير في المواقع الحساسة ومراكز القرار .. سوا كان ذلك على مستوى الحكومات .. اوالادارات العامة ..او حتى في المؤسسات والشركات-يصبح ضرورة ملحة بين كل فترة واخرى ... حيث اثبتت الدراسات ان الاستمرار في موقع ما اكثر من ثمان الى عشر سنوات يفقد صاحب الموقع _على اقل التقديرات _ يفقده القدرة على الابداع والتجديد... فضلا الفساد الذي قد يمارس والمحسوبية واستغلال هذا الموقع بطرق سيئة مما يحول المسؤول عنه من مسؤول الى مستبد...

والمعروف ان الاستبداد اذا حل بارض افسدها .. وحول جمالها الى قبح .. وحضارتها وعمرانها الى اطلال ..

وجعل خيرها شرا؟؟ بتسخيره لظلم الناس بدلا من اسعادهم ونفعهم..؟؟

وهذا ما عاشته شعوبنا العربية طيلة عقود وازمنة مضت ... ولا زالت بالطبع,,, لكن المؤمل في ثورات الربيع العربي ان تعيد الامور الى نصابها...

ان التغيير او الارادة التي ظهرت في الامه بمجموعها فانطلقت للغيير انما هي نبتتة طيبه كانت قبل ان تظهر في ساحات الثورة... بذرة في نفوس الشعب شيبا.. وشبابا.. ونساء .. موجودة هي منذ زمن ؟؟ بل هي فطرة لديهم ..؟ بل هي دين وعقيدة..

لكنها وئدت في النفوس طيلة العقود الماضية بسبب الاستبداد السياسي الذي افسد الحياة كما اسلفنا ...

فالتغيير فطرة لدى الناس وسنة كونية... لان الماء اذا وقف ركد ... ولان الشمس لا يمكن ان تتوقف... ولان الليل والنهار في تغيير وتبديل مستمر ... ولان النهر لابد ان يسير الى الامام ..

فكأن من يريد ان يوقف سنة التغيير يقول للشمس قفي .. وللنهر ان يرجع الى مصبه .. وكانه يحرص على اطالة الليل بحيث يظل دائما ... فعجبا لهولاء !!!

التغيير دين وعقيدة لانه لا يرضى بالباطل الا بطال ولا يرضى بالظلم الا ظالم ... وقد حرم الله الظلم بين العباد ..

ولذلك جاء الاسلام والدين الخاتم ليكون من اهدافه ما ذكر ذلكم الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه(جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد... ومن الجور الى العدل)

بل ان الجهر بالسوء امام الظلمة والمستبدين مما يحبه الله (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم)

وقادة الامة الاحرار من امثال عمر بن الخطاب يقولون تاكيدا لهذا المبدأ(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)

ثانيا : التغيير ضرورة ملحة .. بالذات في هذا الزمن لاننا كل يوم في تقدم ...ولاننا نعيش ثورة تكنلوجية ومعلوماتية .. فاليوم مختلف عن الامس!! باكتشافات جديدة على مختلف الصعد ... وابناء اليوم اكثر حنكة واوفر حظا في العلم.. والمعرفة ممن سبقهم من جيل الامس...

ولا ادل على ذلك من تلكم المفاجأءت التي فاجأ بها شباب الثورات العربية .. شيوخ السياسة وكهولها الذين كان قد اصابهم الاستبداد بشئ من الياس في التغيير ...

فجاء الشباب ليقودوهم وليقولوا لهم ان لدينا وسائلنا الجديدة والحديثة .. والناجعة في نفس الوقت...

فكأن الشباب يقولون للاجيال التي سبقتهم انظروا لقدرتنا على التغيير ...ها نحن نسقط انظمة شاخت في الافساد.. والاستبداد.. وكنتم قد عجزتم؟؟ الا عن مسايرتها بل اصبحتم شبه مستسلمين لها _مع عدم انكارنا لفضلكم علينا ورعايتكم واعانتكم لنا_ لكننا كنا اصحاب السبق...

ثالثا : من نتائج التغيير المنشود والذي بدات الشعوب تشعر انها قادرة عليه .. بل وبدات تمارسه عمليا

- عدم السماح مطلقا لما كانت تتبناه الانظمة العربية في كل من اليمن , ومصر , وليبيا., وما تم ممارسته في سوريا من توريث السلطة للابناء بدعوى حقهم في الترشح كمواطنين؟؟ وخبرتهم في الحكم ..!! وترسيخ مبدأ (جني تعرفه ولا انسي ما تعرفه)

فلا مجال اليوم لهذه الترهات بل اصبح الحديث عنها محل سخرية الناس بعد اعتقال نجلي مبارك وسيف القذافي ..

- عدم السماح بما كان يتم التعامل به من مبدأ تم تشويهه (الرجل المناسب في المكان المناسب) فهذا المبدا معروف عنه انه مبدأ رائع ان يوضع الرجل المناسب .. علما .. وخبرة .. وكفاءة ... في المكان المناسب له...

لكنهم حولوا كلمة (المناسب _ فجعلوها من النسب او الصهر بمعنى القريب _ بدلا عن الكفاءة) ووضعوه فعلا في المكان المناسب ... لكننا اليوم سنعيد لهذا المبدأ اعتباره (فيوضع الرجل المناسب في المكان المناسب) بغض النظر عن صلته وقرابته..

- النزعة للتحرر من الفاسدين والمستبدين من اعلى المستويات الى اصغرها... والدليل ثورة المؤسسات .. فحين تمر بجوار احدى مدارس العاصمة فتجد طلاب المدرسة يعتصمون لخلع مديرة طال امد بقاءها وازداد فسادها ... تشعر بان هؤلاء الطلاب قد استوعبوا الدرس .. وطمحوا الى الحرية .. بل واصروا الا ان يعيشوها فلا مكان للاستبداد ابدا.. ولو على ابسط المستويات... العساكر .. احرار الجوية .. القضاة .. احرار البحرية .. احرار الاعلام ... كلها نماذج رائعة نفاخر بها...

- اصبحت كلمة التغيير متداوله على الالسن ... بل واثرت في العادات والتقاليد ... فتجد الشيخ والقبيلي بدون سلاحه؟؟ !! تساله لماذا .؟؟ يجيبك ... التغيير... تجد الكثير من الشباب تخلوا عن القات مثلا ونادوا بشعار يمن بلا قات؟؟ تسالهم لماذا يجيبونك... انه التغيير ... يختلف سائق الاجرة مع الراكب او احد الركاب مع من بجواره فيسب او يشتم فيبتسم له الآخر ويعتذر اليه ؟؟!! لماذا لاترد بالمثل؟؟؟ انها ثقافة التغيير... قد عمت وشملت كل شئ

- وبعد هذا وقبله فالتغيير ... مظهر من مظاهر الجمال في الامة وفي الشعوب ... بل به يكون التقدم .. والتطور .. والابداع .. والتنافس في تقديم الافضل .. وظهور الوجوه الجديده .. والتداول السلمي والحضاري ..

- واخيرا اصبح التغيير وثقافة التغيير والقدرة عليه امرا مشاعا ومقبولا بين الناس في المجتمع .. آمن بها الكثير وسيلحق البقية ممن لا زالوا الى الان في سكرة المفاجأءت التي وقعت للامه حيث كانت بالامس احلاما لكنها اليوم حقائق يعيشونها في وضح النهار ... وسيكون به _اي التغيير_ ترسيخ الكثير من المبادء الجميلة والقيم الرائعة.. التي غيبها الاستبداد خلال الفترات الماضية.