الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٧ صباحاً

الدبلوماسي المخطوف

عبد الرحمن الراشد
الأحد ، ٢٢ ابريل ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
إلى أن اتصل هاتفيا مشعل الشدوخي، وهو سعودي في تنظيم القاعدة من الذين تلاحقهم الأجهزة الأمنية السعودية، لم يكن مؤكدا من الذي خطف نائب القنصل السعودي في محافظة عدن اليمنية.

عبد الله الخالدي خُطف منذ نحو ثلاثة أسابيع في ظروف خطرة يعيشها اليمن، هي الأسوأ منذ نصف قرن، حيث تمزقه حالة عصيان أعلنها أقارب ومحسوبون على الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ورغبة الحوثيين في توسيع مناطق نفوذهم، وهناك الانفصاليون الجنوبيون الذين يريدون بناء دولتهم مستغلين تعسر ولادة النظام الجديد في صنعاء. والأخطر حالة الحرب التي يشنها تنظيم القاعدة، الذي استولى على مدينة لودر ثم أخرج منها بالقوة، ولجأ إلى قرى أخرى في محافظة أبين وفي مناطق متعددة.

ومع أن الحرب على التنظيم خارج التغطية التلفزيونية فإنها مستمرة تقريبا بشكل شبه يومي، حيث قتل نحو مائتين من التنظيم قبل نحو أسبوع. وقبلها قتل ثلاثة من «القاعدة» بطائرة استهدفتهم، الأرجح أنها كانت عملية أميركية. ورد التنظيم بقتل أربعة من العسكريين اليمنيين في اليوم التالي. وكانت «القاعدة» قد انتقلت إلى اليمن مع مئات من مقاتليها من أفغانستان وإيران، ومن الصومال حيث تعرضوا هناك لهزائم متلاحقة حديثا، وكذلك من السعوديين الفارين بعد هزيمتهم في المملكة.

أما لماذا سرد كل هذه المعلومات.. فهو للتذكير بأننا أمام خطر ينمو. وبعض المعلقين اليمنيين يهونون من المشكلة معتقدين أن «القاعدة» واجهة وذريعة افتعلتها جماعة الرئيس المخلوع لبث الفوضى في اليمن. وأنا أتفق معهم أن الرئيس السابق، أو جماعته، سيسعون لخلق فوضى في البلاد، مع أن هذه حماقة كبرى لأنهم سيخسرون بسببها كل شيء في النهاية. إنما «القاعدة» ليست فزاعة بل حقيقة، وهي تنتشر اليوم في اليمن مستغلة ضعف السلطة المركزية، وما خطف الدبلوماسي السعودي إلا رسالة للجميع بعنوانها الجديد.. اليمن، والذي لم يعد أفغانستان أو باكستان. ولن يستطيع اليمنيون التخلص من هذا السرطان إلا بإدراك خطورته ومحاربته كتنظيم حقيقي قادر فعلا على الانتشار بفضل فكره الديني المتطرف للتجنيد وجمع الأموال، وبدعم أطراف خارجية منها إيران التي وسعت نشاطها ضمن سياستها للتضييق على خصومها مثل السعودية، ومحاولتها الهيمنة على اليمن.

ومع أننا ندرك من التجارب الماضية أن التنظيم الحديدي مهما تغلغل وكسب مواقع على الأرض فإنه سيفشل في إقامة دولة له، فإن هذا التنظيم قد ينجح في تخريب الأرض.. بسببه تم حرق أفغانستان، ولا تزال باكستان، الدولة الكبرى، في فوضى. تسببت «القاعدة» في حرب أطرافها مثل إيران والولايات المتحدة وعشرات الدول المختلفة، ولا تزال مشتعلة إلى اليوم. هذا ما نخشاه في اليمن، أن يتحول إلى أرض حروب لا تنتهي.

وفي ظل ضعف السلطة المركزية فإن للقبيلة في اليمن الدور المهم في تثبيت الأوضاع، وقد تكون الذراع المحلية الطويلة لردع «القاعدة» وطردها، في وقت أنهكت فيه القوات المسلحة اليمنية من المواجهات العديدة الماضية. في وقت يفترض أن يدرك فيه الجميع أهمية تعزيز السلطة المركزية ودعمها بشكل عاجل وسد الطريق أمام محاولة تمزيق اليمن.