الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٧ مساءً

لعلهم يدركون

عبدالفتاح علوة
الاثنين ، ٣٠ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
تلقيت عدة رسائل و تعليقات على الفيس بوك لها علاقة بمقال نشرته مؤخرا عن "الإسلاميين التقليديين وإعادة أو محاولة تدويرهم" تقول باني حكمت عليهم بناءا على مواقف وأخطاء سابقة وأنهم قد تغيروا وستتغير مواقفهم في الأيام القادمة أو أنهم فعلا قد باشروا ذلك التحول...... مع أنني لم أكن اقصد مواقفهم ولم اشر إليها بقدر ما حاولت توضيح تطابق أفكارهم وثقافتهم مع الفكرة التي حُكمنا بها، وكيف أنهم شربوا من ذات الكاس احادي النكهة والذي سيطر على ثقافة وأفكار عقول حكامنا لفترات طويلة جدا من الزمن مع أن مواقفهم تغيرت حسب الزمن وتكيفت مع مستجدات الأحداث ولكنها الفكرة التي لم تتغير ولم تتبدل..... فحن لا نستطيع إنكار أنهم يتغيرون ويتكيفون ولم اقل ذلك ولكن تحولهم ذلك لم يكن فكرا ولن يصير ثقافة، فهو ليس أكثر من لبس عباءة تتناسب والزمن الذي يعيشوه ...

فلا يمكن أن ننسي أننا قد أضعنا عقود من الزمن ليصلوا هذه المرحلة ولسنا مستعدين لإهدار مثلها للانتقال لخطوة أخرى، فان ما يفكرون به اليوم كنا قد طلبناه منذ أكثر من ثلاثين عام بمعنى أننا نحتاج لأكثر من 3 عقود لإقناعهم بما نفكر به اليوم ونحن حينها نكون قد قطعنا أشواطا اخرى أكثر تقدما عن المرحلة الحالية ... فنحن نؤمن بالحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة كفكر وسلوك وأسلوب وسياسية منذ الوهلة الأولى بينما ما يزال اغلبهم يتربون على السمع والطاعة في المكره والمنشط،لذا فلا أظن أننا سنلتقي يوما ما بثقافة واحدة وإن التقينا بتحالفات آنية.

أدرك باني مجحفا جدا إن كنت اعني الجميع بكلامي هذا، فاني أعرف أن نسبة معينة منهم قد تصل ل20% أو أكثر قليلا لا ينطبق عليهم هذا الطرح، وان بعض منهم قد يفوقوننا إدراكا لمشاكلهم و لما يجب أن يحدث من ثورة داخل جماعتهم، لكن هذا أيضا يجر لاستفسار منطقي عن مدى إمكانية الجماعة المجازفة والتضحية باستبعاد ال 80% المؤثرة دينيا والداعمة ماليا وقبليا عن موقع القرار واستبدالهم بمجموعة من الطايشين والغير مدركين للأمور كما يطلقون عليهم دائما عندما يختلفون معهم حول قضية ما، وان الانسجام بين التيارين الحداثي والتقليدي داخل الجماعة يزداد صعوبة كل يوم ولابد أن تتوقف آلة مسك العصا من المنتصف يوما ما وسيكون الوضع حينها أكثر تعقيدا وكارثية.

أخيرا أتمنى ممن يعتبرون كلامي ونقدي لهم عداء أن يكفوا عن هذه النظرة التآمرية وان غيروا أسلوب تفكيرهم الماضوي هذا وان يقفوا أما هذا النقد بموقف ايجابي مسئول وان يدركوا أننا نعيش في عالم ووطن واحد وانه ليحزننا ويقلقنا اسلوب تفكيرهم الذي لن يؤثر سلبا عليهم وحدهم بل على المجتمع برمته فهم جسم مهم من مكونات النسيج الاجتماعي، فعليهم أن يقفوا مع مشاكلهم وقفة مسئولة ومناقشتها بموضوعية وصدق وان يدركوا أن إصلاحها يتطلب اعترافات تاريخية وتضحيات جسام إن أرادوا حلا يتمتع بمقومات أخلاقية وقيمية واعتقد أن الوقت قد آن لعمل حزمة كبيرة من الإصلاحات الأساسية وإعادة صياغة أفكارهم وسياساتهم بنفس جديد يختلف جذريا عن سآلفه، وأنهم يمتلكون مجموعة ناضجة تستطيع عمل ذلك إن كسرت القيود المكبلة بها.