الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٥ صباحاً

دعوات للسلمية وعوة للحرب

حافظ اليافعي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
لا شك أن الثورة اليمنية هي من أنجح الثورات في العالم بمحافظتها على سلميتها ونهجها الجلي الواضح للمضي قدماً نحو دولة مدنية نظيفة يحمل فيها المواطن العادي روح الوطنية قبل المسئول ليكونوا سواء في حرصهم على بناء الوطن الواحد.
وما يقطع الشك باليقين أنك لو نظرت إلى أي ساحة حرية في أي محافظة يمنية تجد الدعوات للسلام تتعالى المنصات مهما قوبلت هذه السلمية بكل أنواع القمع والإستفزاز لجر الثوار على التخلي عن سلميتهم لكي يقلبوا عاليها سافلها بحجة الإعتداء على أمن واستقرار الوطن والمواطن، ولكن ما هي السلمية التي نتحدث عنها هنا وهل تعتبر خوف وجبن أم سلاح قوي لمن بيدهم تحويل السلم إلى حرب.
إن الدعوة إلى ثورة سلمية لا تصدر من الضعيف بل تصدر من قوي ومتمكن وهي التعبير المنظم عن رفض القوانين والممارسات اللأخلاقية والمستبدة للشعب بعيدا عن كل انواع العنف الجسدي واللفظي مع تفهم من يقومون بها بأنهم سوف يتعرضون لكل أنواع التعذيب من قبل السلطة الغاشمة التي لا تدرك معنى السلمية ولا تحترم شعبها، وهي لا تقتصر فقط على الخروج بالمظاهرات والاعتصامات السلمية بل تتعدى إلى تصعيد تدريجي يبتدأ من تكثيف المظاهرات السلمية ويصل للعصيان المدني الشامل والذي يعتبر أهم مرحلة لهذه الثورة السلمية.
ولقد أثبتت التجارب أن العصيان المدني هو أنجح طريقة لنيل الحرية وهو في المرتبة الأولى للإنقلاب السلمي إن صح التعبير وهو لا يحتاج إلى أكثر عزما وهمة من أبناء اليمن الأذكياء وشباب ونساء الساحات العظماء الذين يسجلون أعلى الأرقام في الصمود السلمي، لكن ذلك لن ينجح ما لم يتكاتف الكل لعصيان مدني شامل يشل حركة المدن حتى تفهم الدولة الرديئة السمعة أن لا مكان لنظامها بيننا، ومع هذا كله لا يعني السلم عدم الدفاع عن العرض والمال فهذا بلا شك لا يعني سوى الخوف والجبن، وما يحدث في صنعاء هذه الأيام ما هو إلا دعوة حرب من قبل النظام ودفاع عن النفس من قبل قبيلة هي من أشد القبائل اليمنية ولكن الثورة لا زالت محافظة على سلميتها مبتعدة عن شيء قد يكون النظام مخططا له منذ بداية هذه الثورة.
فدعوة هذا النظام الدكتاتوري هي فعلاً للحرب لأنه يستمد قوته وشرعية من دماء الأبرياء وإيمان بعض الشواذ بالشرعية التي يضفيها النظام على نفسه بخداع الناس وإيهامهم بواجبهم الأخلاقي والوطني والديني والذي يقتضي منهم طاعة عمياء وللأسف أن هذه الخدعة تنطوي على بعض الناس لأن هذا النظام يمتلك الألة الإعلامية الجبارة ليحاول درئ الشبهات عن نفسه رغم الانتهاكات الصارخة التي يبديها النظام بشكل يومي لكل ما يمت إلى الأخلاق أو الوطنية أو الدين.
وتظل دعوات كثر للسلمية تشمخ أعالي الساحات اليمنية بكل محافظة ودعوة واحدة للحرب يجرها نظام في مكان واحد.