الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤١ صباحاً

ما علاقة التاريخ بالتكنولوجيا ؟

عبد الرحمن البخيتي
الأحد ، ٢٤ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
تساؤل ساذج تبادر إلى ذهني بمجرد أن سمعت قرار تعيين الدكتور احمد عبيد بن دغر وزيرا للاتصالات في حكومة الوفاق الوطني والتي جاءت نتيجة لثورة الشباب السلمية .

ومن لحظتها عرفت أن الاتصالات مازال ينظر إليها ويعتبرها البعض فيد وغنيمة ، ويريدها أن تكون من نصيبه، ومع مرور الوقت تأكد ظني أكثر ليس بسبب اختيار شخص محدد لقيادة الاتصالات في هذه المرحلة كالدكتور بن دغر ولكن حتى لو تم اختيار أي شخص آخر فلن يغير ذلك من الوضع ولا من تصوري نحو ما يجري في الاتصالات .

بل إنني اجزم أن اختيار بن دغر يوحي عن إدراك وقصد مسبق دبر بليل نحو الاثنين معا الاتصالات من جهة والدكتور بن دغر من جهة أخرى ، والسبب واضح وأمام العين ، فالاتصالات التي أبهرت الناس في الأمس وكانت نموذج للعمل الوطني الجاد وخاصة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي أصبحت من التاريخ .

أما الاتصالات اليوم فأنها في حالة يرثى لها فنيا وإداريا وماليا ، كما أنها هذه الأيام تمتلك كل مقومات الفشل الأكيد هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى يأتي اختيار شخصية هادئة ومحترمة ولها تاريخ نظيف وسمعة طيبة كبن دغر يعتبر إحراق له ولكفاءته ، حيث تم وضعه على رأس وزارة خدمية وفنية لها تاريخ عريق ولكنها في حالة احتضار وتعيش أسو أوضاعها منذ أسست ، وهو توقيت يوضح ذلك القصد والذي دبر بليل ، فصرح اقتصادي كهذا وفي هذه الوضعية كان يحتاج إلى مهندس كفء من ابنا الاتصالات وهم بالآلاف ، هذا لو أنهم أرادوا إصلاح الأمور فيها ، ولكن تسليم الاتصالات لأي شخص مهما كانت مؤهلاته فان الفشل مصيره ونهاية لمستقبله ، ليس لأنه فاشل أو غير كفء ولكن لأنه لا يعرف مع من يتعامل ، ولا كيف يتعامل معهم ، ولا يعرف أن من سيقابلهم هم الأشخاص المناسبين لتوضيح ما غمض عليه من الأمور وكلها غامضة ، ام انه سيقابل ويتعامل مع اناس هم سبب المشاكل أو الجزء الأكبر منها ، وحينها تصبح النتيجة معروفة الانهيار يتواصل والمشاكل تتفاقم فيفشل الربان وتغرق السفينة .

وهذا ما لاح وظهر من خلال التغييرات التي حدثت في المناصب والكراسي داخل مؤسسة الاتصالات ، فقد كانت عبارة عن تحريك بيادق الشطرنج من موقع لآخر ، فالأسماء نفسها وان اختلفت المواقع وبدلا من مدير عام واحد لمؤسسة الاتصالات أصبحوا أربعة كل واحد في مكتب له شان يغنيه ، وأعمال الترضية لنقل الصلاحيات تؤخذ من هنا وتوضع هناك ، فمن كان مديرا ليمن موبايل أصبح اسميا ارفع درجة حيث صار مديرا عاما لمؤسسة الاتصالات وسلفه اختار لنفسه المنصب الذي يريد فأصبح مديرا لشركة تليمن تلك الدجاجة التي تبيض دولارات أكثر من الريالات ومرتبات موظفيها بالملايين وما زالوا غير مقتنعين بذلك ، واخذ معه توفية ما نقص للمنصب رئاسة مجلس إدارة يمن موبايل دجاجة اخرى تبيض ذهبا للبعض طبعا ، في خطوة غير مسبوقة وغير مفهومة إلا من ناحية أن الاتصالات أصبحت فيدا ومغنما توزع حسب المشيئة والرغبة ، ولان ذلك كذلك نلاحظ أيضا أن مالك شركة يمن نت عفوا مديرها السابق لم يتنازل عن منصبه إلا إلى منصب يساويه من حيث المكانة والدخل فأصبح مديرا لشركة يمن موبايل بدلا من مديرها الذي رقي صوريا إلى منصب مدير عام المؤسسة ولكن بصلاحيات محدودة وكأنه وضع هناك لتمرير ما يريد المخرج تمريره ، ومما يؤكد أن التعيينات تمت في المواقع الغنية وذات السيولة المادية وهو ما يعنيهم فقط وجل ما يريدونه هو السيطرة على تليمن، ويمن موبايل ،ويمن نت.

أما الهاتف الثابت فلا يعنيهم في شي لا هو ولا موظفيه والدليل أن أهم منصب فيه مازال شاغرا وربما تم نسيانه لان المعنيين لا يطالبوا به (مدير عام الصيانة والتشغيل ) لأنه على ما يبدو منصب لا يأكل عيش. ولان الشرح قد يطول فلابد من مقالة أخرى لتوضيح أسباب انهيار الاتصالات ، ولكن ما يعنينا اليوم هو التوضيح عن حجم التآمر على الاتصالات وانه تم اختيار الدكتور احمد بن دغر( دكتوراه في التاريخ ) في هذه المرحلة لقيادة الاتصالات بالذات لأنه سيجد إمامه أشخاص محددين لهم ارتباطات بجهات أخرى ذات نفوذ فيتم تعيينهم في مناصب هي اكبر منهم ولكنها تفي بالغرض لتمرير وإخفاء ما سبق من أعمال دمرت الاتصالات بشكل عام ، وألان يريدون أن يقولون لنا أنهم من سينهض بها من جديد ، وهذا هو المستحيل بعينه ، فالتاريخ يبقى تاريخ لا يمحى والتكنولوجيا تبقى تكنولوجيا ، ويكفى أن نكتشف أن هناك علاقة بين التاريخ والتكنولوجيا ولكنها علاقة في غير صالح التكنولوجيا ...