الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١١ مساءً

التغيير في اليمن

إلهام الحدابي
الأحد ، ٢٩ يوليو ٢٠١٢ الساعة ١٠:١٣ مساءً
التغيير هو سنة ثابتة في هذا الكون، ولولا التغيير لما تجددت الحضارات واستمرت، ولما عرف الإنسان قدراته وإمكانياته الحقيقية، ولا يأتي التغيير إلا من أجل إصلاح أو تحسين وضع ما، وفي الفترة السابقة في اليمن حدثت ثورة تغيير في البداية ، ولكنها في نهاية المطاف لم تغير الكثير، ولا تزال تسعى جادة لتحقيق بعض مفردات التغيير لينطبق عليها الإسم.

فالتغيير له قواعده التي يجب أن تطبق ليكون، ومن أهم قواعده التركيز على التغيير الفردي إلى جانب التغيير الجماعي، ومن أجل أن يتحقق التغيير الفردي يجب أن نهتم بالوعي وبناءه، ومن اجل أن يتحقق الوعي الفردي يجب أن نطبق مبدأ الشفافية حيال كافة الإجراءات السياسية والروتينية، كما يجب أن نعمل على تشجييع الرأي الحر والبناء ولا نقمعه بمختلف الوسائل الحزبية أو الدينية أو غيرها، وإذا قمنا بتطبيق بعض تلك المبادئ يمكننا أن نحصل على تغيير حقيقي جماعي، فالفرد هو اللبنة الأولى والأخيرة في بناء المجتمع.

غير أنا في اليمن قرأنا قفزات فوق مفهوم التغيير، مما أدى إلى تنميط دور الفرد واختزاله برأي جماعي قد لا يشارك فيه ذلك الفرد بتاتاً ولكن المصلحة تقتضي ذلك، كما رأينا كيف صار التغيير مجرد فئة تناصر فئة ضد فئة، أو مجرد خيمة بشعارات كبيرة تقام فيها مآدب الطعام والقات على حد سواء، لكن للإنصاف في أحد مراحل تلك الخطوة التغييرية التي قامت في اليمن بدأ توجه البعض لإحداث التغيير الحقيقي من خلال استهداف الفرد عبر الدورات التنموية، وعبر الندوات والفعاليات التي كان الكثير متعطشاً لها من أبناء هذا الشعب.

يأتي هذا الشهر الكريم ليشحذ همم أولئك المؤمنين بالتغيير ، ومدرسة التغيير الرمضانية تعلمنا حقيقة مهمة وهي أن التغيير الفردي أساس، فالصوم عبادة فردية نقوم بها وبقية العبادات والطاعات تأتي مكملة لهذه التربية التغييرة المقصود بها الفرد المؤمن، غير أن رمضان في اليمن لا يقل تعاسة عن الثورة اليمنية، فبدلاً من أن تلقى كيس التمر في يد المواطن اليمني أثناء انتظاره لأذان المغرب، تلقى كيس القات، وكأن الصوم كان عقاباً قاسياً خلال تلك الساعات التي كان ينتظر فيها! وأثناء ما تصدح المآذن بصلاة التراويح نرى الكثير وقد صبغوا أفواههم بخضرة القات وكأنها ذكرهم بعد الصلوات!

الأنكى من ذلك أنك عندما تناقش أحدهم في موضوع القات يجزم لك بأنه أم المفاسد، وأن اليمن لن تصلح ما دامت هذه الشجرة المأفونة موجودة فيها، ثم يواصل مضغ القات وكأنه لم يكون هو المتحدث قبل قليل!!

التغيير ليس مجرد ثورة تملأ الشوارع، أو شعارات تصم الآذان، أو مواقف ارتجالية...التغيير سنة لن تتحقق ولو بألف ثورة طالما لم نأخذ بسننها وقواعدها.