الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠١ صباحاً

المواطن سعيد!

وديع منصور
الخميس ، ٠٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢٣ مساءً
سعيد لايحب المشاكل.ويغلق سعيد أي باب يأتي منه الريح لكي يستريح . كان في بيته ذات مرة عندما سمع أصوات حشود من الناس الغاضبة . أغلق النوافذ، فسعيد لايحب التدخل فيما لايعنيه. في اليوم التالي بينما كان عائدا من عمله وجد نفسه فجاة وسط حشد غاضب أخر، لكن هذه المرة كان أكبر من الذي رأه بالامس .سارع للعودة إلى بيته . فسعيد يكره أن يجد نفسه وسط المشاكل.

في البيت سألته زوجته عن أخبار المظاهرة التي قام بها أبناء المدينة إحتجاجا على تكدس القمامة في الشوارع . هزّ سعيد رأسه ،وقال لها إن المظاهرات في هذه المدينة لا تحل المشاكل.

فتح سعيد حنفية الماء .أراد غسل يديه ووجهه من سخام المدينة .لم يجد الماء.سعيد يمكن أن يتدبر أمره ريثما يعود الماء .

سأله أبنه إن كان قد سمع خبر رفع أسعار البنزين .إبتسم سعيد . وأجاب بأن الامر لايعنيهم فهم لايمتلكون سيارة .ذهب لرؤية أصحابه في المقهى فوجدهم يتكلمون بغضب عن تلك الزيادة التي سمعها من أبنه. لكنه فضلّ أن يبقى صامتا ، فسعيد يعرف جيدا أن بعض الاحاديث يمكن أن تتسرب.

ذهب إلى المسجد.صلى سعيد بخشوع .وإستغفر ربه كثيرا . وبعد الصلاة ، لاحظ تجمع بعض الشباب في الخارج . سمعهم يرددون نفس تلك الكلمات الغاضبه ورأى كيف كان البعض منهم ينظمون صفوفهم للانطلاق في مظاهرة . تحاشهم . فسعيد لايتواجد في هذا المكان الا من أجل العبادة . عاد لمنزله فوجده أسوة بمنازل الحي غارقا في ظلام دامس .أشعل شمعه ولم يتكلم . فسعيد يحرص على عدم إظهار غضبه أمام أولاده .

رن جرس الهاتف.رد سعيد.كان زميله في العمل يسأله إذا كان يريد أن يلتحق بالمجموعة التي ستبحت أفضل الطرق لمواجهة تعسف الادارة . كان سعيد يعرف أن الادارة متعسفة . لكنه لايحب المشاكل.

في السوق ، قضى سعيد وقتا أطول يبحت عن الاثمان الارخص . لكن عبثا حاول سعيد . فلم يشتري في ذاك اليوم كل ماراد . سألته متسولة عجوز . فرد عليها بأن الله كريم. صار سعيد يتسأل عن سبب زيادة أعداد المتسولين في مدينته . سمع تلك الاصوات الغاضبة تمر بالقرب منه مرة أخرى . كانت الاصوت أقوى . كانت الاعداد أكبر . وكان سعيد أكثر حرصا كعادته على تجنبهم .لمح سعيد وجها يعرفه وسط تلك الحشود . دقق النظر . إقترب أكثر.سمع أصوات رصاص . تفرق الحشد تراجع سعيد فهو لايحب أن يقع في المشاكل . غاب الوجه الذي كان يراقبه .وتوقف صوت الرصاص.عاد سعيد الى البيت . تكلم مع زوجته بعصبية . سمع أصوات حشود غاضبة تقترب من بيته . أغلق النوافذ . لكن قرعات متلاحقة جعلت سعيد يفتح بابه . كان الوجه الذي يعرفه وغاب عنه وسط الحشد محمولا على الاكتاف وقد فارق الحياة .