الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٦ مساءً

الوطن والشبــاب

محمد البعوم
السبت ، ٠١ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٤٠ مساءً
لاشـك أن عـلاقـة الوطـن بالشبـاب علاقة وثيـقة ووطـيدة وهي كعـلاقة الروح بـالجسـد حيـث أنّ الشـباب هو مـرحـلة العـطاء والبـناء والتنمـية والإعـداد الذاتـي بالتـأهيل والثقيف وهـو أيضـاً أفـضل مـرحلة مـن نـاحية القـوّة والنـشاط والحيـوية وإكتساب المعارف وتعــلّم الخبـرات , والعمـل على إفـراز التجـارب عـند تقـادم العمر , والشبـاب هم بــُناة الحـاضـر وأمــل الغـد المـشرق في القيـادة والريـادة و صـناعة الفـكر في شـتى مـناهل الحيـاة .

والــوطـن : هـو ذلك الأرض والبيـت الكبير الــذي ولـدنا وترعـرعنـا ونشـأنا فيـه, ونـهلنا مـن علومه , وأكلنا مـن خيـراته , و ظـللّتنا سمـائه وأفتـرشنا تـرابه , فيـه مـلامح وجـوهنا , وأصـالة إنتمـائنا , هـو المـكان الذي نسيـر إليـه مهمـا أبتعدنا , وننجذب إليــه مهمـا غبنـا , هـو الذي يحـتضننا عندما يرفضنا الجميــع , هـو الذي نفـخر به يوم العـز , هـو الذي ننـشدهُ الحـب ونتمـنى له السـلام الدائم , هـو الذي يجمعنا مع كل أهاليـنا وأصـدقائنا ويـرحب فينا ويضيق بدوننا .

تعتـبر فئـة الشبـاب في أي مجتمع وأي بلاد من أبرز وأقـدر الشـرائح المـؤثرة والقـادرة على العـطاء وذلـك نـظراً لمـا تمتلكه مـن طـاقات نفـسية وجسمية وحمـاس وإندفاع كبيـر والحب في البحث والإستطلاع والتغيير والتطوير , ولذلك دائمـاً مـا تخطط هـذه الدول إلى إستثمـار طـاقات الشباب لأنها المحرّك الرئيســي والمعـجــّل للتنميـة والذي يخـدم المـصالح الإجتماعية وكـذلك الأهـداف الوطـنية . وإذا لم يتم ذلك فإن هـذه الطـاقات ستـكون ثـروات مـهدرة لن يستفيـد المجتمـع منها , ولكـن قد تتحول إلى أمراض قد تصيـب مفـاصل المجتمـع وتجعـله عرضـة للشيخـوخة في مجـال التـنمية والبـناء وسيفـرز عـن ذلك الكثير من الأزمات والأخطار المتواليه والتبعـات السـلبية .

الوطـن هـو بشبـابه المتعلّمين والمؤهلين والمثقفين في معظم المجالات العلمية والإنسانية , وحـاجة الوطن إلى الشبـاب كحـاجة العـليل إلى الدواء , لا يكـون الوطـن أكـثر أمـاناً وإستقراراً إلا إذا كـان شبـابه فـاعلين ومتميزين واكثر رقيـاً ووعيـاً , لا أحـد يشكك بدور الشبـاب الفعــّال في مختلف نـواحي الحيـاة , فهم يشاركون همـوم الوطـن وهم حرّاسه الأمينـون وهم الكـنوز المخبـؤه لأيــام القحط , عـقلية الشباب دائمـاً تتصف بالمـرونة والأنفتـاح والقـدرة على التكيـّف مع أي طـارئ تخبئه مستجدات الحيـاة التي تتصف بالتغير المتسارع في شـتى مناحي الحيـاة السياسية والإجتماعية والعلمية وهـُناك تكــون النفـس الشبـابية أصـلب إرادة وأمـضى عـزيمة وأقـدر على مواجهة التحديات مهما لاحت في الأفق من المحبطات والمثبطات وكاسرات الإرادة , فألارادة والعزيمة وحب الإكتشاف والقدرة على تحويل المستحيل إلى ممكن , هي من أجمل الخـصائص الطيبة بالشباب فالتركيـز على شـريحـة الشبـاب هـو تركيـز على قـلب الوطـن بحـد ذاتــه .

لذلك نـّوجـّه دعـوة لحكـومتنـا اليمنيـة أن تــُقيم الأنديـة الفكـرية والصالات الرياضية وتعمـل على تفعيلها عمليـاً للحفـاظ على ثمـرة الشبـاب وطـاقـاتهـم وتـعمـل علـى إحتضـان مواهبهم وطموحاتهم وإيجـاد بيئـة منـاسبة لآمـالهم ومـا يتطلعـّون إليـه , وهـذا بتصـوّري مـن أجمـل البـدائـل التـي تــُقدّم إلى الشبـاب بدلاً عـن تخـزين شجـرة القـات .