السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٣ مساءً

الصحفي الصوفي.. والرحلة إلى صنعاء

فوزي العزي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
سافر الأستاذ نبيل الصوفي ومجموعة من زملائه الصحفيين في رحلة استطلاعية عبر طائرته الإعلامية "مجلة أبواب"، التي اخترقت أجواء الجمهورية اليمنية، وحطت رحالهـــــا في العــــاصمة السياسية والتاريخية لها "صنعاء"حاضنة كل اليمنيين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية، وقد وصلوا بتوفيق الله تعالى سالمين من أي مكروه، وبدون أن يصابوا بنيران معادية. علماً أنها كانت في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الميلادي.
ومن ثم انطلقوا يجوبون طرقاتها الملتوية والعشوائية، المحتوية على بعض المطبات والحفريات والسيارات المتزاحمة، ورجال المرور المتصيدين للأخطاء والطيشان. وجالوا بأبصارهم يميناً وشمالاً يمتعونها بفنها المعماري الأصيل، ومحلاتها التجارية العتيقة والحديثة.
و مما لا شك فيه أنهم استطاعوا أن يكتشفوا بعض الحقائق المؤسفة، التي ظلت في طي الكتمان وعالم النسيان، عن فئة من الشعب، متقوقعة في الأمية الثقافية والسياسية، ومصابة بالقهر والخذلان.
وبعد انتهاء وقت الرحلة الذي استمر ما يقارب شهراً، رجعوا
إلى موطنهم.

صنعــــاء الحاضـــر


انهدمت كثير من معالمها الأثرية والسياحية، وانتشرت القمامة في حاراتها وشوارعها، وكثر المتسولون في مساجدها و أسواقها وعند إشارات المرور ، وأغرقت أسواقها بالسلع الغذائية والدوائية المقلدة والمغشوشة، وانغمس بعض شبابها في البطالة، ونام عدد من المجانين على أرصفة طرقاتها، وحضرت الوساطة والمحسوبية إلى مكاتبها الإدارية، وتعمقت الرشوة أو حق القات عند كثير من موظفيها المفسدين لصوص الوطن، وسُيِّس التعليم في مدارسها وجامعاتها بالعصبية الحزبية، وانتهك بعض من عساكرها حرم الجامعة التعليمية بالبندقية وحماية قادة الاستبداد والطغيان، و أبعد تطبيق الدستور والقانون عن أصحاب القوة والقبيلة والسلطان، ورفع صاحب المال والجاه إلى منصة الاحترام، و قل الماء حتى زاد ظمأ المواطن العطشان، وكثر انطفاء الكهرباء حتى أصيبت الأجهزة الإلكترونية بالعطب والتخبط والحيران، وأهمل التخطيط العمراني الحضاري حتى أصيب السائقون والسياح بالتيهان.

كذلك استبيح دم المواطن الفقير الضبحان الشاقي على الأولاد والنسوان، ووضع في حضيض النسيان، وتربع الثالوث المرعب على رأسه ( الجهل، والفقر، والمرض )، بل وابتلي بموظفين من البلدية الناهبين للعربيات والمعتدين على البساطين من أجل حق القات والدخان، وأطباء يهملون الصحة والأبدان ويهتمون بالدولار والخِزََّان، وتجار يحبون الجشع والاحتكار ويكرهون الحق والميزان، و عصابات مجرمة تمارس السرقة والقتل والنصب والاحتيال والتزوير والاختطاف والاستهزاء بالقرآن ومعصية الرحمن.

ونتيجة لكل ماورد، فقد ضاعت هيبة "صنعاء" أم المدن اليمنية، و مُزِّقَ النسيج الاجتماعي الواحد بين أهلها، الذين أصبحوا يعيشون بين الهموم والأحزان، بل وأصيب بعضهم بعدة أمراض كالهذيان والجنان.

ما المخـــــرج ؟


المخرج لا يكون بالهتافات الرنانة، أو الكلام اللبق المطلي بكذب البيان، أو الشعارات البراقة المومضة بالزور والبهتان، أو أشعار المدح والدجل المدغدغة للحس والوجدان، ولكن باجتماع أبناء اليمن من كل شرائح المجتمع، لاسيما حكماء وعقلاء السلطة والمعارضة؛ لتقديم رؤية وطنية صادقة وجادة، تقوم على أسس إستراتيجية بَنَّاءَة " وسطية في الدين، وقبول بالآخر، ومعرفة حضارية حديثة، وقضاء عادل، وانتخابات نزيهة، ومواطنة متساوية، وحفاظ على الوحدة الوطنية، وبناء جيش وطني قوي، وصيانة الحقوق والحريات، وترسيخ الأمن والاستقرار"، وحيث تترجم إلى حيز الواقع، ولا تظل حبرا على ورق؛ فتعمل على إحداث التغيير المنشود، وبناء دولة مدنية حديثة؛ بهدف تحقيق نهضة حضارية شاملة للعاصمة"صنعاء"، وتحسين أوضاع سكانها المعرفية والمعيشية والعمرانية، بل ويمتد ذلك إلى كل مناطق اليمن وسكانها.
وأخيراً، نأمل أن يتم تحقيق ذلك، اللهم آمين.