الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٤ مساءً

مسلسل أمريكي

إلهام الحدابي
الخميس ، ١٨ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٠٤ مساءً
تعرف بعض البلدان بالدراما التي تنتجها، فنحن نقول(خرط هندي) نظراً لما تحتويه مشاهد الفيلم الهندي من مشاهد خيالية لا يقبلها العقل والمنطق، ونقول( مسلسل مصري) لندلل على السخف والسذاجة نظراً لما تمتعت به الدراما مؤخراً من حس فكاهي عديم الفائدة والقيمة، ونقول(مسلسل خليجي) إذا أردنا أن نبالغ في الحزن أو التشاؤم، ونقول(مسلسل أمريكي) إذا أردنا أن نعبر عن عنصر المفاجأة والإثارة، غير أنه بإمكاننا أن نغير القيمة المتعارف عليها بالنسبة للمسلسل الأمريكي خصوصاً بعد مستنقعي أفغانستان والعراق.

فالقيمة الجديدة للمسلسل الأمريكي يجمع ما بين خرط الهندي كما حدث في تبرير غزو العراق، وسماجة المصري كما يحدث في اختراع نكتة مفتعلة أو حركة دخيلة للفت الأنظار عن الهدف الحقيقي،ويشبه إلى حد كثير الخليجي في حجم التشاؤم الذي نتقلده كلما سمعنا تصريح جديد حول طائرات الدورن، أو مقتل شيخ قبلي عن طريق الخطأ، ويشبه نفسه عندما نسمع صوت السفير الأمريكي في اليمن وهو يصرح بأن مسيرة الحياة مسيرة إرهابية!

سبق وأن استبيحت أبين، وقتل مواطنوها تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، وسبق أن علمنا بالتواطوءات الحكومية تحت ذريعة تبادل خبرات عسكرية أمنية، بحيث يتم قتل اليمنيين بسلاح أمريكي وغطاء يمني! وسبق أن تكررت عمليات الاغتيالات في مأرب وغيرها من محافظات اليمن، وفي كل مرة يتم اختلاق تبرير أو افتعال مشاكل جديدة لشغل الناس عما يجري في الواقع.

وما عبد الإله حيدر شائع إلا أحد أشكال تلك التدخلات السافرة التي تقوم بها أمريكا في ظل تعاونها الاستراتيجي مع اليمن، وأعتقد أن بقاء الصحفي شائع إلى اللحظة في السجن دون تهمة محددة، دليل واضح على أي سيادة تتمتع بها اليمن في ذلك التعاون النوعي، وإنه لمن السخف أن نرفع علم اليمن في وطن لم يعد وطناً بل صار مستعمرة يسجن مواطنوها بأوامر خارجية باسم (مكافحة الإرهاب)!أي إرهاب في أن تحمل قلمك وتقول هذا خطأ! وما الضير في أن تبحث عن الحقيقة وتعري الإجرام حتى لا يسقط ضحايا أخرون!

إنه ليس خطأ شائع، وليس خطأ أوباما، إنه خطأُنا في أن نحترف الصمت تحت ذريعة الخوف، أو تحت ذريعة الانتظار حتى تستتب الأمور، لن يتغير شيء ما دام هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية مستمراً بمباركة حكومية وصمت شعبي.

وينتهي المسلسل الأمريكي بتواجد المارينز بكل صفاقة تحت ذريعة حماية السفارة، لا أحد ينكر أنهم كانوا متواجدين من قبل، لكن أن يتباهوا بوجودهم وتصمت حكومتنا على هذه المسخرة فهذا هو عين البلاء.

حماية سيادة الدولة جزء لا يتجزأ من مهام أي حكومة في أي بلد، غير أنه يبدوا أن سلة المفاهيم لا تزال مقلوبة ، بحيث تصبح سيادة الدول الأجنبية أهم بكثير من سيادة البلد نفسه.