السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٣ صباحاً

مستقبل اليمن في دولة مدنية (1)

محمد البعوم
الخميس ، ٠١ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:٥٠ مساءً
تـاريخيـاً تــُعتبــر اليـمن مـركزاً للحضــارات ورائـدة الحـركة المـدنيـة وقبلـةً للشــرق مـن حيـث الإهتمـام بالبنـاء والإتجـاه نحـو التطـوّر والنمـاء لأن شعـب اليمـن دائمـاً يتـوق للتطلّع والعمـل والإنتــاج . ولـكن عندمـا نحـاول أن نقـترب مـن الزمـن نجـد اليمـن قــد مـرّ بالكثيــر مــن الإرهــاصـات والحــروب والمشــاكل التـي شكـّلت عائـق كبيـر في تنفيـذ المشـروع الوطـني المـدني . فمـن الصعـب جـدا أن يتـّم إستحضـار كـل الأحداث التـاريخيـة التـي مرّت بهـا اليمـن كون المجـال لا يتســع هـُنا ولكـن لعل الدولة البراجمــاتيـة التـي كـانت ظـاهرة فـي أبهــى صـورهـا وتجلّيــاتهـا هـي تـلك التــي أُخــتزلت فـي عهـد الرئيـس الشهيـد الحمـدي والتـي فعلاً تجسّدت كصـورة كـاملـة فـي المسـار المـدني المـُتجه نـحو إستثمـار الإنسـان والتركيـز على التطور والتغييـر والإنتقال مـن الجمود و كـُل ذلـك على حسـاب رومـانسيـة الإيديولجيـا والقـوى التقليـدية الـتي لا زالـت نمطيـة التفكيـر.

الدولـة المـدنيـة هي التـي تحمـي كـل أعضـاء المجتمـع وتحـافـظ على هويتهـم دون النـظر للمعتقـد والفكـر والإنتمــاء , دولـة قـائمـة على التسـامح والسـلام وتُحقق مبــدأ القبـول بالآخــر وإحتضـان جمـيع الأفـراد في بـوتقـة الوطـن بغـض النظـر عـن توجهــم .الدولـة المدنيـة هـي دولـة المـُقاربة لا المقـارنـة , و المـدنيـة هـي التمــدّن والتحضــّر وفــرض القـوانيــن علـى الجميــع بـدون أن يتعــرّض أي أحــد لإنتهــاك أي حقـاً مـن حقـوقـه , دولـة تــُمارس السـلطة بدون أي تحيــّز لأي طـرف . الدولــة المــدنيـة هـي دولــة الحقــوق والمســاواة والمــواطنـة العــادلـة , وليـس نـظام داخـل نظـام أو إستنســاخ دولـة مـُصغــّرة للدولة .الدولـة المـدنيـة هـي دولة مــؤسســاتيـة تدعــّم مبــدأ الا مــركزيـة تنتمي للـوطـن بكـل أحزابـه وأطيافه وطوائفه وتــُشجـع الفكـر والعـلم والمعــرفة . خيــار الدولـة المـدنيـة هــو خيـارٌ بيــن الحـداثـة والعـودة إلــى المـاضـي , خيــارٌ بيـن التقــدّم والتـراجـع , خيــارٌ بيــن البنــاء والهــدم . الدولـة المـدنيـة لا تلغـي الديــن أو ترفـضـه أو تــُعاديـه كمـا يروّج البعــض , بـل هـي دولـة تدعــوا لأن يكـون مـُعظمـاً مـُقدّسـاً لا يتـّخذه السيـاسيـون مـطيـةً للحصـول إلـى مـآربهم السياسيـة وتحمـي الديـن مـن أن يكـون قضيـة جدليـة خلافيـة مـُعرّضـة للتنظيـر والتفسيـر الأمــر الذي يقـود إلــى إبعــاده عـن عالـم القــداسـة والإجـلال والإحتــرام كمـا أنّ الدولة المـدنيـة تنظـر إليـه عـلى أنــّه مـُعتقـد مـن حق الجمـيع ممـارسـة مـُعتقداتهم حيــثُ تــرى بأنّهُ عـامل مـُهم فـي بنـاء الأخلاق , وعلاج للتــأزم والفـراغ الوحـي .